صواريخ إسكندر الروسية: رأس الحربة في الترسانة التكتيكية

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Oct. 18, 2025

iskander

تُعدّ صواريخ اسكندر الروسية واحدة من أكثر أنظمة الصواريخ التكتيكية تطوراً وفاعلية في الترسانة العسكرية الحديثة، فهي منظومة متنقلة محمولة على مركبات، قادرة على حمل رؤوس حربية تقليدية أو نووية تكتيكية، ومصممة لتوجيه ضربات دقيقة لأهداف استراتيجية وتكتيكية.

دخلت الخدمة في الجيش الروسي عام 2006، ولها نوعان: أحدهما باليستي هو "إسكندر-M"، والثاني كروز (جوّال) هو "إسكندر-K".

"إسكندر-M" هو الأكثر شهرة واستخداماً، ولا يتبع مساراً باليستياً تقليدياً يمكن التنبؤ به، بل يسلك مساراً شبه باليستي معقد لتضليل أنظمة الدفاع. يصل مداه إلى 500 كيلومتر وسرعته تفوق 6 أضعاف سرعة الصوت (6 أو 7 ماخ). بالإضافة إلى سرعته وقدرته على المناورة، فهو يطلق شراكاً خداعية، مما يجعل اعتراضه أمراً في غاية الصعوبة والتعقيد.

"إسكندر-K": وهو ليس صاروخاً باليستياً، لكنه صاروخ كروز (جوّال). وعلى عكس النسخة "M"، فهو يطير على ارتفاعات منخفضة جداً وبسرعة أقل من سرعة الصوت. هذا المسار المنخفض يجعله شبحياً وصعب الاكتشاف من قبل الرادارات، ويُعتقد أن مداه يصل إلى 1500 كيلومتر. فبينما يتميز "إسكندر-M" بالسرعة واختراق الدفاعات، يتميز "إسكندر-K" بالتخفي والتسلل.

"إسكندر-E": هي النسخة المخصصة للتصدير من "إسكندر-M"، وقد تم بيعها لحلفاء روسيا مثل الجزائر وبيلاروسيا وأرمينيا. تم تقييد مداها بحيث لا يتجاوز 280 كيلومتراً فقط، كما أنها لا تمتلك كامل قدرات المناورة والشراك الخداعية الموجودة في النسخة "M" التي يستخدمها الجيش الروسي.

آلية عمل الصاروخ

يعتمد الصاروخ الباليستي "إسكندر-M" على نظام توجيه مزدوج، إذ يقوم بالوصول إلى هدفه المحدد باستخدام تقنية التوجيه بالقصور الذاتي، ويمكن تعزيز هذا النظام بنظام الملاحة الروسي عبر الأقمار الصناعية (GLONASS)، مما يمنحه دقة تصل إلى أقل من 10 أمتار. ويمكن أيضاً تزويده بصورة للهدف يقوم بمطابقتها مع المشهد أمامه لكي يعدل مساره ويصيبه بدقة كبيرة.

أما صاروخ الكروز "إسكندر-K" فيعتمد على القصور الذاتي والأقمار الصناعية وخرائط للأرض، حيث يطير على ارتفاع منخفض جداً مستخدماً تقنية تُعرف بـ "مطابقة التضاريس" (TERCOM). يقوم الصاروخ عبر مقياس ارتفاع راداري بمسح التضاريس التي يحلق فوقها، ويقارن هذا المخطط الطبوغرافي بشكل مستمر بالخريطة الرقمية المخزنة في ذاكرته. هذه المقارنة تتيح له تصحيح مساره بدقة فائقة وتتبع الوديان وتجنب المرتفعات، مما يجعله شبحياً وشديد الصعوبة في الرصد من قبل الدفاعات الجوية.

في النهاية، تكمن قوة منظومة "إسكندر" في كونها منصة مزدوجة (باليستية وكروز)، إما تستخدم السرعة الفائقة عبر "إسكندر-M" الباليستي أو التخفي والتسلل عبر "إسكندر-K" الكروز. هذا التنوع يجعل "إسكندر" سلاحاً محورياً في ترسانة روسيا الصاروخية الحديثة.



مشاركة