خطرت لأحد الأصدقاء العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي فكرة تطبيق, وهي أن يستخدم برنامج ذكاء اصطناعي طوره ويصنع منه تطبيقاً. كان البرنامج يأخذ صورة ويولد شرحاً لها, فظن أن هذا سيكون مفيد للانستغرام فبدلاً من أن نكتب شيء في عنوان الصورة ندع البرنامج يفعل. وقبل البدء بالعمل سأل متابعيه وكان التجاوب كبير مع الفكرة, وقرر تنفيذها, وبعد حوالي 3 أشهر أصبح التطبيق جاهز ليتفاجأ أن أحداً لم يعجبه. وعندما سألهم عن السبب كان الجواب: إنه يولد وصف للصورة وهذا غير مفيد. مثلاً إن وضعت صورة عيد ميلاد يعطي عنوانا: "قالب كاتو و شموع". وبالتأكيد لن تريد أن تكتب هذا كتعليقاً على صورة في عيد ميلادك إلا على سبيل الدعابة.
جاءت فكرة الـ- MVP -Minimum Viable Product وتعني النموذج الأولي القابل للتجريب لتحل هذا النوع من المشاكل في المشاريع والشركات الناشئة. فقبل إضاعة الكثير من الوقت والجهد في تطوير منتج قد لا يعجب الجمهور المستهدف يجب بناء منتج أولي فيه ما يكفي من الوظائف الأساسية ليجذب أول الزبائن كي يجربوه وتحصل منهم على معلومات عن كيف يستخدموه وما آرائهم فيه. فتقرر بناءاً على المعلومات والآراء إن كان مناسبا لهم أو يجب التخلي عن الفكرة أو تعديلها.
وقبل البدء في التفكير بالنموذج الأولي لابد أن تطرح أسئلة على نفسك:
- ما المشكلة التي أريد حلها ومن هم الزبائن المستهدفين بالحل
- كيف سأقوم بحلها
- هل الحل الذي اقترحته يناسب الجمهور المستهدف
البند الأول والثاني عليك أن تفكر بهما أولاً وبعد أن تحدد المشكلة وكيف ستحلها والجمهور المستهدف بالحل, عليك أن تذهب إلى هذا الجمهور لتختبر إن كان حلك يناسبهم. وهنا الاختبار يمكن أن يكون له عدة أشكال فقد تبدأ بالسؤال والاستعلام منهم والنقاش معهم وتعدل حلك حسب النتائج. ثم يجب عليك أن تعرض عليهم حلك بصيغة يمكن لهم أن يجربوها ليتأكدوا أن الحل الذي صورته لهم ووافقوا عليه مناسب فعلاً لهم ومن الممكن تحقيقه كما جعلتهم يتوقعون.
وهنا يبرز دور النموذج الأولي في تحديد الوظائف الأساسية التي ستجعل الجمهور المستهدف قادراً على تقييم الحل الذي تقدمه. فغاية النموذج الأولي هو تجنب المخاطرة أولاً ثم معرفة آراء الجمهور المستهدف مبكراً. وبذلك نتجنب إضاعة الكثير من الوقت والجهد في بناء حل لايناسب الجمهور.
ربما تتسآل الآن عن المثال الذي بدأنا به هل كان صديقي يعرف عن الـ MVP ؟ بالطبع وقد اتبع خطواته. فقد أضاع وقتاً في تطوير النموذج الأولي وهذا ما لايمكن تفاديه لكنه لم يشكل فريقاً ليقوم ببناء نظام كامل بطريقة احترافية مصمم ليستخدمه الالاف في نفس اللحظة بل قام بإنشاء أبسط مايمكن لتجريب فكرته التي لم تنجح وفي الحقيقة هذا هو حال أغلب الأفكار.
الـ MVP هو مفهوم صاغه فرانك روبنسون في عام ٢٠٠١ ثم عممه إيريك ريس منذ 2009 من خلال كتابه The Lean Startup. وكل شركات البرمجيات اعتمدت هذا النموذج في تطوير منتجاتها. فالنموذج الأولي يجب أن نراه كوسية للتعلم من تجربة المستخدم.