في 24 آب/أغسطس،افتُتح في مدينة تشينغداو بشرق الصين أول مبنى في العالم يُصنّف كـ" فائق صفري الانبعاثات الكربونية"، وهو إنجاز هندسي وبيئي غير مسبوق يعكس سعي الصين في التحول إلى اقتصاد أخضر. هذا المبنى، الذي يبلغ ارتفاعه 117 متر ويتألف من 23 طابق، أصبح المقر الرئيسي لشركة TELD للطاقة الجديدة، إحدى أكبر شبكات شحن السيارات الكهربائية في آسيا.
والمبنى صفري الانبعاثات الكربونية لا يُنتج أي انبعاثات كربونية خلال تشغيله اليومي. لا يستخدم الوقود الأحفوري، ولا يعتمد على الكهرباء القادمة من مصادر ملوثة، بل يُدار بالكامل بواسطة الطاقة النظيفة. وفائق الصفرية يقوم بنفسه بإنتاج الطاقة النظيفة و يستخدم تقنيات ذكية لتوفير استهلاك الطاقة بشكل أكبر بكثير من المباني التقليدية.
يعتمد المبنى على واجهات زجاجية ضوئية تغطي ثلاث جهات منه، وتعمل هذه الواجهات على توليد الطاقة الشمسية مباشرة من ضوء النهار، مما يُغطي حوالي ربع احتياجاته الكهربائية اليومية. ولتخزين هذه الطاقة، يستخدم المبنى بطاريات مستعملة تم استخراجها من سيارات كهربائية، وهي خطوة ذكية تُعيد استخدام الموارد وتُقلل من النفايات الإلكترونية. هذه البطاريات تُخزن الطاقة الزائدة وتُعيد توزيعها عند الحاجة، خاصة في أوقات الذروة.
داخل المبنى، تنتشر أكثر من 24 ألف حساس صغير تُراقب وتُدير كل شيء: الإضاءة، التكييف، المصاعد، وحتى استهلاك الطاقة في المكاتب. هذه الحساسات تعمل بتناغم مع نظام ذكي يُقلل من استهلاك الكهرباء بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالمباني التقليدية. والأكثر إثارة هو أن السيارات الكهربائية المتوقفة في المبنى يمكنها أن تُغذي الشبكة الكهربائية للمبنى، في نظام يُعرف باسم "من السيارة إلى المبنى"، مما يُحول كل مركبة إلى مصدر طاقة إضافي عند الحاجة.
كل هذه الابتكارات تُترجم إلى توفير بيئي ضخم، حيث يُقدّر أن المبنى يُقلل من انبعاثات الكربون بما يصل إلى 2500 طن سنوياً. هذا الرقم لا يُمثل فقط نجاحاً هندسياً، بل يُعد رسالة قوية بأن المباني يمكن أن تكون جزءاً من الحل في مواجهة تغير المناخ، لا مجرد مصدر للمشكلة.
المبنى يُمثل بداية جديدة في عالم العمارة المستدامة. ويقف كنموذج يُمكن أن يُلهم المدن حول العالم لتبني تقنيات مشابهة.