مازلنا نبحث عن الملفات ولانجدها فالأمور لم تنضج بعد لكي يشكل إيجادها حدثاً يغير المسار. لكن في الحلقة 15 يبدو أن هذا المسار قد تراجع دوره بعد أن استثمر فيه المخرج كثيراً وأطال واستفاض إذ فتح المجال أمام مسارات أخرى لتنطلق.
في هذه الحلقات الخمس يوجد مسارين أساسيين: مسار الملفات الذي يتصارع فيه تاج بشكل واضح من جهة مع هنري و من جهة أخرى مع الجاسوسة جيني والمسار الثاني هو مسار الخياط (بسام كوسا) إذ بدأت هذه الشخصية الغامضة بإظهار أجزاء من معالمها.
مسار الملفات
فيما يتعلق بمسار الملفات فقد توجب على تاج أن يخوض مغامرة جديدة ويدخل مع الجاسوسة جيني (ملاك الكنعان) إلى مقر الفرنسيين حيث يوجد جهاز التشويش الذي حصل عليه الفرنسيون ويريده الانكليز لكشف أسرار الألمان.
وهذه ثالث مرة في المسلسل تتكرر هذه العملية؛ في الأولى دخلوا بذريعة الملاكمة وفشلوا في مهمتهم وفي الثانية استغلوا الحرب البينية ودخلوا وحصلوا على الملفات والآن وإن تغير المكان فقد استغلوا حدث سينمائي ودخلو. هذا التكرار لنفس الحدث يفقد الشغف بالمتابعة وانتظار ما سيحدث. لكن هنا لابد أن نسجل للكاتب براعته في إضافة نوع من التشويق إذ عرض علينا الخطة قبل تنفيذها وترك شيء واحد ليعرفنا عليه أثناء التنفيذ وهو كيف سيتم فتح الباب. فالحدث مكرر والنتائج متوقعة لكن هناك شيء مشوق قد ترغب بمعرفته.
وهناك مشهد غريب في المتاهة أثناء بحث جيني وتاج عن المخبأ؛ تطلب جيني من تاج اصطحابها لعشاء رومانسي. لا يبدو المكان مناسب ولا الزمن المتاح لهم وهو 15 دقيقة لإنجاز المهمة رغم ذلك يقرر المخرج أن يُهدِئ الأعصاب بمشهد في غير مكانه.
تتقن الممثلة ملاك الكنعان (جيني) أداء دورها بكفاءة قل نظيرها؛ فهذا الدور نادر في الدراما العربية وإن تم سابقاً فليس بهذا الأسلوب الجميل. لا تستطيع ألا تلاحظ طريقتها في الكلام والفواصل الزمنية التي تتركها وحركاتها الجميلة والخفيفة المتناسبة مع عملها كجاسوسة و كمقدمة لألعاب الخفة. ويضاف أدائها إلى الأدوار المميزة الملعوبة بحرفية عالية في هذا المسلسل وهي حتى الآن أربعة دور تاج وسليم ورياض وجيني.
سامر البرقاوي يستسهل القتل
ليس المشهد الرومنسي هو نقطة الضعف الوحيدة للمخرج فقد أبدى استسهالاً في قتل الأشخاص. فعندما قتلت أخت تاج الضابط الفرنسي هنري مات بضربة مقص فوراً وبسرعة وهو الذي نجى من التفجيرات وتشوه وجهه. فهل يموت بضربة مقص من يد ضعيفة مباشرة؟ كان يمكن للمخرج أن يبرز لنا مثلاً أنه مصاب في هذه المنطقة كما أظهر تشوه وجهه وصدف أن المقص جاء على الجرح المضمد لكُّنا حينها اكتفينا بالاعجاب بجمالية المشهد وانسجامه مع الحكاية إذ أنه قُتل بالمقص وبيد من؟ بيد أخت المقص.
الاستسهال الثاني يأتي عندما يقوم مساعد رياض(بسام كوسا) بخنق ملاكم بربطة عنق. هذا الملاكم العتيد كيف يموت بوضع ربطة عنق على رقبته لثواني قليلة فلو كان عصفوراً لطيفاً لقاوم أكثر وأين يتم خنقه! في مكان عمل مفتوح. كان الأمر يتطلب جهداً أكبر وربما التخلص منه بطريقة أخرى.
مسار رياض (بسام كوسا)
وفي المسار المتعلق برياض فقد تعرفنا على شخصيته أكثر وأنه يحب الإيذاء بطبيعته ويدفع مقابل تحقيق أهدافه النفسية. فنراه كيف يشتري أدوات البوهجي ويرميها فقط لخلق مشكلة له لأنه لم يعمل جاسوس لصالحه؛ وكيف كان يخطط ليتزوج نوران منذ كانت طفلة. وكيف يقتل بدم بارد كمجرم محترف. و تُظهر الملابس -التي تستخدم في أفلام البورنو- في قبو منزله وأشرطة التصوير المشبوهة أنه إما مجرم يعذب أشخاص ويقتلهم أو يصور أفلام بورنو أو يشارك فيها أو كل ذلك معاً.
وهنا يتضح أن رياض هو أيضاً مقص بطريقة ما إذ لا يتردد في قتل من لا يسير على هواه. كما أنه يمتلك الكثير من الحنكة والتخطيط الطويل الأمد ويخفي الكثير من الأسرار عن عمله مثل تاج تماماً لكن الغايات تختلف جذرياً.