يتناول المسلسل قصة تاج الملاكم والمناضل السري ضد الاحتلال الفرنسي لسوريا في مرحلته الأخيرة وخاصة خلال فترة الحرب العالمية الثانية.
تاج -تيم حسن- الملاكم الذي يعمل سراً في مقاومة الاحتلال الفرنسي واغتيال ضباطه يتحول فجأة لمتهم بالخيانة من قبل أقرب من يعملون معه فتتغير حياته من ملاكم متمرس يحقق الانتصارات إلى لاعب قمار متمرس في خسارة الأموال. تتركه زوجته بعد سنوات خمس من العذاب الذي تحملته معه وما كانت كافية لتنتهي أزمته الطويلة لأسباب غير معروفة وغير مبررة في القصة.
بعد السنوات العجاف تتزوج زوجته نوران -فايا يونان- من رجل آخر هو رياض -بسام كوسا- الخياط عميل الفرنسيين على السوريين و عميل الانكليز على الفرنسيين. يستغل انغماس تاج بلعب القمار ويوقعه في شرك غبائه لكي يستطيع بعد أن تزوج زوجته نوران أن يحصل لها على حضانة ابنتها مقابل عدم سجن تاج لتخلفه عن دفع ديونه التي خسرها على طاولة القمار.
يستيقظ الملاكم تاج بعد خسارة ابنته ويقرر أن يعود إنسان طبيعي؛ وتتصادف يقظته بيقظة صديقه سليم -كفاح الخوص- الذي ازدادت شكوكه فجأة بعمالة رياض -بسام كوسا- وقرر دخول ثكنة الفرنسيين ليحصل على ملف الجاسوس و يتأكد من شكوكه.
فشلت محاولته الأولى التي رافقه فيها تاج لكنه عاد وأقنع تاج بالعودة من جديد خلال فترة هجوم الانكليز و الفرنسيين من جماعة فرنسا الحرة على جماعة فرنسا فيشي التابعة لحكم الألمان آنذاك. المحاولة الثانية يبدو أنها نجحت بهدفها الأساسي لكن ننتظر الحلقات التالية لنرى ما سيحدث لتاج الذي لم ينجح في الهرب من الثكنة.
القصة
يبدو نص عمر أبو سعدة متماسك ومتسلسل ومنسجم في معظم الأحيان مع منطق الحكاية والبيئة والإطار الزمني الذي تحدث فيه القصة. الحوارات جميلة بسيطة تناسب الشخصيات التي تتكلم بها بعيدة عن التفلسف والخروج عن طبيعة الحوارات العادية بين الناس. ويتولى الراوي بطريقة مباشرة إخبارنا بالإطار العام الذي تجري فيه الأحداث وهذا يشكل نقطة قوة تحسب للكاتب فقد أراح شخصياته من مغبة إنطاقها في حوارات لا تحتملها الشخصية أو من تتحاور معهم وفي الوقت نفسه نفهم بسلاسة الأحداث التي تجري وسياقها العام.
التمثيل
يتقن بطل المسلسل تيم حسن أداء شخصيته بحرفية بالغة، فتراه يجسد شخصية المحب لزوجته وابنته ووطنه بكل صدق. يوصل مشاعره عبر حركات بسيطة، ونظرات معبّرة، وكلمات قليلة مختارة بدقة. يبدي قدرة عالية على الاندماج في الشخصية من خلال حركاته، وردات فعله، ومشيته، وحتى في تشبيهاته.
فايا يونان ربما يكون هذا الدور أول دور تمثيلي لها؛ لكن الدور يتناسب مع شخصيتها فلا تشعر أنها تمثل ولا تشعر أن شيء ناقص أو مصطنع أو يحتاج العمل عليه أكثر.
أما البطل الشرير عدو تاج الممثل بسام كوسا فرغم أهمية دوره لتأثيره على الأحداث لكن ليس هناك مساحة للشخصية كي تتألق حتى الآن فمركز الأحداث في مكان آخر.
يتألق كفاح الخوص في أداء دور الصحفي المناضل، ويتقن تجسيد الشخصية بكل تفاصيلها، ويضطلع بمهمة الراوي أيضاً، حيث يسرد الأحداث بطريقة جذابة تتناسب مع الدور الذي يلعبه. يبدو أن شخصية سليم هي ثاني أهم شخصية في المسلسل، وينتظر الكثيرون المشاهد التي تجمعه بتاج، حيث تتجمع الأحداث المهمة مع مزيج من الكوميديا الطريفة والضرورية التي تجعلك تبتسم وأنت تنتظر حصول شيء قد يكون صادمًا.
الإخراج
يبدع سامر برقاوي في تقديم صورة جميلة من خلال تركيزه على أدق التفاصيل، واختيار الزوايا والحركات بدقة، ودمج العناصر التي تكمل الحوار وتغنيه. من الرائع أن تتوقع من المخرج أن يفاجئك بجمالية وإبداع المشاهد.
ورغم بساطة المؤثرات البصرية والـ CGI التي يستخدمها أحيانًا، إلا أنها جميلة وتنقل العمل إلى مستوى متفرد. وطريقة تقديم المشاهد بحد ذاتها تعكس العناية والحرفية والإبداع التي بذلت خلفها.
مثلا في أحد المشاهد تخرج ابنة تاج لتجربة ملابس جاءت بها أمها وتترك الوالدين يتشاجران ينتهي مشهد الشجار بإسقاط الكاميرا على الابنة وهي عائدة بملابسها الجديدة صامتة لا سعيدة ولا حزينة. لم ينسَ المخرج أن الطفلة قد خرجت لتعود والأجمل أن المشهد انتهى هنا فقد قال سامر برقاوي كل شيء. مختلف عما نشاهده في مسلسلات البيئة الشامية أو الروبنهودية التي تنحو منحى اللغو الزائد والإطناب الممل حتى أنك تكاد تظنها بودكاست إذ تفتقر كثيرا إلى مثل هذا الإيجاز الغني الذي يستخدم كل العناصر معاً.