فيلم "تحرر" Emancipation مأخوذ عن قصة عبد هارب يُدعى غوردن, ومعروف باسم "بيتر المجلود" والذي اشتهر عام 1863 نتيجة صورة نُشرت له تُظهر الندوب على ظهره بسبب الجلد والذي أدى إلى تأثر الرأي العام بها وتأجيج حركة إلغاء العبودية.
خلال الحرب الأهلية الأمريكية كانت العبودية ممنوعة في الولايات الشمالية الاتحادية ومسموحة في الجنوبية التي أرادت الانفصال لهذا السبب. كان العبد بيتر الذي يقوم بدوره ويل سميث يعمل في ولاية لويزيانا وعندما عرف بقرار لينكولن بتحرير العبيد أراد الانتقال إلى معسكر الاتحاد الذي تتواجد فيه قوات لينكولن.
فيهرب إليه ويطارده مستعبدوه عبر المستنقعات التي بقي يسير فيها 10 أيام. واجه خلال رحلته كل الأخطار من مطارديه ومن الحيوانات المفترسة في المستنقعات فيقتل تمساح وينجو من أفعى.
بيتر هو شخص متدين مؤمن بعدالة السماء وأب وزوج محب لأولاده وزوجته. أثناء هروبه تراه فتاة صغيرة كانت تستمع لآيات دينينة فتثور ثائرتها وتنتفض بشراسة لتخبر المطاردين عن عبد هارب؛ وبعدها في مفارقة جميلة يجد طفلة سوداء على وشك الموت تعطيه صليباً. فهذا التناقض بين طفلتين تتعلمان نفس التعاليم الدينية يبين أن مشاعر الكراهية هي نتيجة فعل تربوي ثقافي يُزرَع في الأطفال منذ الصغر.
يشير الفيلم إلى استخدم الدين لجعل العبيد مقتنعين بعبوديتهم ممتنين لسادتهم. والسادة يمارسون أقسى أنواع الذل والاستعباد تجاههم ويعاملون كلابهم أفضل منهم.
ويل سميث "بيتر" لم يكن لديه الكثير ليقوله في هذا الفيلم لقد كانت عيونه وتعابير وجهه كافية لتتكلم. و الكاميرا كانت عيونه فالفيلم قريب إلى أفلام الأبيض والأسود القديمة ولكنه ليس أبيض-أسود تماماً؛ وكأن هناك فلتر يجعل الألوان خفيفة باهتة فكيف لعبد هارب مطارد أن يرى خضار الأشجار ولون الأفعى و التمساح الذي يصارعه.
شخص مثل بيتر ليس في جعبته الكثير ليقوله و لايعرف صف الكلام وإلقاء المحاضرات عن الحب والتحرر والمساواة؛ لكنه بعد نجاحه في الوصول إلى معسكر جيش الاتحاد يشعر أنه لم ينل حريته؛ فلا خيار أمامه إلا أن يعمل في الحقول أو أن ينخرط في الجيش ليشارك في حرب التحرير.
لاشك أن أداء ويل سميث كان مبهراً كالعادة وبما أنه لم يُعطى مساحة للتعبير الكلامي فقد وصلتنا مشاعره ومعاناته من خلال الأفعال والعيون فقد قدم أداءً عالياً لايمكن تجاهله. لكن النقاد أصروا على تجاهله وهذا لم يفاجىء أحداً فقد تمنى سميث مسبقاً ألاّ يعاقبه المشاهدون لصفعه كريس روك في حفل الأوسكار. وهذا ما حدث فقد انتُقد الفيلم على نطاق واسع وبشكل غير منطقي ومعظم المراجعات تربط شخصية بيتر بصفعة ويل سميث وتقحم تفسيرات لاعلاقة لها بالفيلم.
لكن المشاهد العادي لم يعاقب الفيلم؛ فرغم أن النقاد على موقع الطماطم الفاسدة أعطوه 50% فقد أعطاه المشاهدون العاديون 100% وهذه مبالغة فالفيلم جيد لكنه لايستحق برأيي أكثر من 80%. ولم ينبري أحد النقاد ليشرح لنا لما كل هذا التباين بين رأيهم ورأي الجمهور؛ ربما الأمر أوضح من أن يشرح.