كيف تستطيع "أوبن أيه آي" استعادة الصدارة من "ديب سيك"؟

بقلم:   د. حسام حمدان           |  Jan. 30, 2025

do

وفقاً لصحيفة فايننشال تايمز، تدعي "أوبن أيه آي" أنها تمتلك أدلة تشير إلى أن "ديب سيك" DeepSeek استخدمت نماذجها من خلال تقنية تُعرف باسم "التقطير" لتدريب نماذجها الذكية. وهذا يعني أن "ديب سيك" أرسلت استعلامات عديدة إلى نماذج "أوبن أيه آي"، وجمعت الردود، واستخدمت هذه البيانات لتحسين نماذجها.

ويشير التقطير إلى أبعد من ذلك، فهو تقنية يستخدمها مطورو نماذج الذكاء الاصطناعي، يتم فيها استخدام المخرجات التي يولدها نموذج متقدم يسمى المعلم لتدريب نموذج أصغر يسمى الطالب، بهدف تطوير قدرة الطالب على الوصول إلى مستوى أداء مماثل للمعلم باستخدام موارد حوسبة أقل.

ربما تكون "ديب سيك" قد استفادت من بيانات حصلت عليها من نماذج "أوبن أيه آي" وميتا وجوجل، فليس من الذكاء إهمال وجودها وعدم الاستفادة منها قدر المستطاع، فأي شركة تبحث عن التميز ستستفيد من كل ما هو متاح، تماماً كما تستفيد من المعلومات المتاحة على الانترنت وبعضها قد يكون محمياً بحقوق النشر.

هل استخدمت "ديب سيك" التقطير، وهل هو مفتاح تفوق نموذجها R1؟

لا أعتقد أنها استخدمت التقطير بالمعنى التقني (معلم وطالب)، بل قد تكون دمجت البيانات التي جمعتها كجزء من بيانات التدريب.

فمن الواضح أنها طورت منهجية تدريب جديدة وأتت بأفكار لم تُستخدم من قبل، وهذا واضح في الورقة البحثية وفي استخدام النموذج R1، فهو يعرض الخطوات التي يقوم بها أثناء عملية "التفكير الذاتي" بلغة واضحة صحيحة وهذا غير متوفر ببقية النماذج. ولتحقيق هذه النتيجة أضافوا لذلك مكافأة في مرحلة التعلم المعزز.

علاوة على ذلك، وبفرض أنها قامت بالتقطير، لا يجب أن يكون نتيجته الحصول على نموذج أكثر فعالية من المعلم، ولو حصل وكان الطالب أفضل، فهذا يستدعي إعادة النظر بتصميم النموذج المعلم ﻷنه بالتأكيد ليس خياراً جيداً.

كيف يمكن لـ "أوبن أيه آي" الرد على التحدي الذي خلقته "ديب سيك"؟

أعتقد أن "أوبن أيه آي" يمكنها اتخاذ عدة خطوات استراتيجية لمواجهة التحدي الذي شكله DeepSeek R1.

أولاً، يجب الاستفادة من الطبيعة مفتوحة المصدر لتكنولوجيا "ديب سيك"، الأمر الذي يتيح إنشاء بيانات تدريب جديدة دون مواجهة مشاكل قانونية، كما يتيح الاستفادة من التقنيات المستخدمة لتطوير أسرع لتقنياتها.

ثانياً، يجب التركيز على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متفوقة من خلال الابتكار في البنية، ومنهجيات التدريب، مع التركيز على تقليل التكلفة. فعلى سبيل المثال، يُقال أن مارك زوكربيرج أنشأ أربع "غرف حرب" في ميتا مخصصة للتحقيق في عملية التدريب الفعالة لـ "ديب سيك".

يجب على "أوبن أيه آي" التفكير في تشكيل فرق مماثلة لتحليل كيف حققت "ديب سيك" مثل هذه النتائج الرائعة بتكلفة أقل. هذا التحليل قد يؤدي إلى اكتشاف مناهج تطوير أكثر اقتصادية، يمكن أن تفتح إمكانات كبيرة لها أكثر من أي شركة أخرى، فمن خلال الاستفادة من مواردها وتمويلها الكبير، يمكن لها تسريع الابتكار، واستكشاف مجالات جديدة، والحفاظ على ريادتها في الصناعة.

في حين أن تطوير تقنيات "أوبن أيه آي" كان مكلفاً، إلا أن أساس نجاحها يكمن في الابتكار، وليس في الاستهلاك المفرط للموارد، ولهذا لابد من إعادة التركيز على الابتكار.

وبهذا قد تتمكن "أوبن أيه آي" من استعادة ريادتها في المجال، والإجابة على التحدي الكبير الذي فرضته "ديب سيك" فجأة.



مشاركة