رغم الترويج الكبير لأسلحة الليزر كبديل مستقبلي منخفض التكلفة، إلا أن الحقائق الميدانية والقيود الفيزيائية تؤكد أنها لا تزال عاجزة عن استبدال الدفاعات التقليدية (المدافع والصواريخ) بشكل كامل.

الفارق الجوهري يكمن في طريقة توصيل الطاقة؛ فالصاروخ يحمل شحنة متفجرة تحتفظ بكامل قوتها التدميرية سواء ضربت الهدف على بعد كيلومتر واحد أو عشرة كيلومترات، بينما شعاع الليزر يفقد طاقته وقدرته على الحرق كلما زادت المسافة، مما يجعل مداه القاتل والفعلي أقصر بكثير مما يعتقد الكثيرون.

تعتبر "محدودية المدى القاتل" العائق الأكبر أمام الليزر. فبينما يسافر الضوء لمسافات بعيدة، فإن "كثافة الطاقة" اللازمة لإحداث ثقب في جسم معدني تتلاشى بسرعة مع المسافة بسبب تشتت الشعاع في الغلاف الجوي. عملياً، تكون أنظمة الليزر التكتيكية فعالة في الحرق والتدمير ضمن نطاق ضيق جداً (غالباً لا يتجاوز بضعة كيلومترات)، مما يضطر المشغل لانتظار اقتراب المسيرة لمدى خطير جداً حتى يتمكن من إسقاطها.

إضافة إلى قصر المدى، تتفوق الأسلحة التقليدية للأسباب التقنية التالية:

• معضلة "زمن القتل" : الليزر ليس "طلقة" فورية، بل يجب تثبيت الشعاع بدقة مليمترية على نقطة حساسة في المسيرة لمدة تتراوح بين 3 إلى 5 ثوانٍ متواصلة لإحداث الحرق. في هذه الثواني، وبسبب المدى القصير، يمكن لمسيرة انتحارية سريعة أن تقطع المسافة المتبقية وتصيب الهدف قبل أن تتدمر، بينما المدافع تدمرها في جزء من الثانية بشظايا متناثرة.
• العجز البيئي: يعتبر الليزر "سلاح الطقس الجيد" فقط؛ فالغبار، الضباب، الدخان، والرطوبة العالية تعمل كحواجز تمتص طاقة الشعاع وتشتته قبل وصوله للهدف، مما يقلص مداه الفعال بشكل حاد، بعكس القذائف الصلبة التي لا تتأثر بالطقس.
• عدم الفاعلية ضد الأسراب: نظراً لحاجة الليزر للتركيز لعدة ثوانٍ على هدف واحد تلو الآخر، ومع مداه القصير، فإنه يعجز حسابياً عن صد هجوم متزامن من عشرات المسيرات التي تقتحم المنطقة في وقت واحد.

وهكذا، بناءً على عاملي "المدى القصير" و"الوقت الطويل للإسقاط"، يظل الليزر حلاً تكميلياً مثالياً للأهداف الاستطلاعية البطيئة والقريبة، حيث التكلفة المنخفضة هي المعيار. أما في مواجهة المسيرات الهجومية السريعة والأسراب القتالية، تبقى السيادة للمدافع الرشاشة والصواريخ التي توفر القوة التدميرية الفورية والمدى الآمن.