في تطوّرٍ تقنيٍّ لافت، نجح برنامج "باور" (POWER) التابع لوكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة (DARPA) الأمريكية، في يونيو/حزيران 2025، بتحقيق إنجازٍ غير مسبوق في مجال نقل الطاقة لاسلكياً، إذ تمكّن البرنامج من إرسال أكثر من 800 واط من الطاقة عبر مسافة 8.6 كيلومتراتٍ باستخدام شعاع ليزر في نيو مكسيكو. في السابق، تمكّن نظام POWER من استخدام ليزر لإصدار شعاعٍ بقوة 230 واط لمسافة 1.7 كيلومتر لمدة 25 ثانية، أما الآن، فقد تمّت زيادة هذه القدرة إلى 800 واط لمدة 30 ثانية لمسافة 8.6 كيلومتر.
تعتمد هذه التقنية الواعدة على مبدأ تحويل الطاقة الكهربائية إلى شعاعِ ليزرٍ قويٍّ جداً عند المرسِل، ثم يتم توجيهه بدقةٍ فائقة لمسافة طويلة نحو المستقبل البعيد. يقوم جهاز الاستقبال، المزوّد بخلايا شمسية خاصة، بامتصاص ضوء الليزر وإعادة تحويله إلى طاقةٍ كهربائيةٍ قابلةٍ للاستخدام. هذا الإنجاز، وإن كان في مراحله الأولية، يُمثل خطوةً مهمةً نحو مستقبلٍ تُنقل فيه الطاقة دون أسلاك.
طُوّر المشروع بالتعاون مع عدة شركات، ويعتمد على جهاز استقبالٍ متخصص يُعرف باسم "مصفوفة مستقبل الطاقة التجريبية" (PRAD). هذا الجهاز عبارة عن هيكلٍ كرويّ الشكل يحتوي على فتحةٍ صغيرةٍ تسمح بدخول شعاع الليزر. عند دخوله، يصطدم الشعاع بمرآةٍ مكافئةٍ تعمل على تشتيت الضوء وتوجيهه نحو مصفوفة من عشرات الخلايا الكهروضوئية، المُشابهة للخلايا الشمسية التقليدية ولكنها مُحسّنةٌ لامتصاص ضوء الليزر، ما يسمح بتحويل الطاقة الضوئية إلى تيّارٍ كهربائي مرةً أخرى.
وعلى الرغم من أن كفاءة النظام الحالية تبلغ 20% فقط—أي أن معظم الطاقة تضيع أثناء التحويل والإرسال، مما يجعله غيرَ فعّالٍ للاستخدامات التجارية حالياً—إلا أن التركيز الأساسي لـ DARPA ينصبُّ على إثبات المفهوم وتطوير التكنولوجيا لتُصبح أكثر فعالية وأكثر قابليةٍ للاستخدام.
ويتمثّل الهدف النهائي للمشروع في دمج هذه التقنية في طائراتٍ مسيّرةٍ تُحلّق على ارتفاعاتٍ عالية لتجنّب العوائق الأرضية، وتلتقط الليزر وتحوّله إلى طاقةٍ لتزويد الوحدات البعيدة بدلاً من نقلها إليها بالطرق التقليدية البطيئة والصعبة والمتعذّرة أحياناً.