روبوت يجري أول جراحة استئصال للمرارة بدون تدخل بشري يدوي

بقلم:   تامر كرم           |  July 14, 2025

johnshopkins-featured

في إنجاز طبي وعلمي غير مسبوق، نجح الروبوت الجراحي "STR-H" الذي طورته جامعة جونز هوبكنز الأمريكية في تنفيذ عملية استئصال مرارة كاملة دون أي تدخل بشري يدوي أو برمجة مسبقة للخطوات، معتمداً فقط على خبرته والأوامر الصوتية من الفريق الطبي. أُجريت هذه التجربة الرائدة على نموذج تشريحي فائق الواقعية يحاكي بدقة جسم الإنسان، باستخدام أنسجة خنزيرية لتقليد الأنسجة البشرية الحية.

خلال العملية، تعامل الفريق الطبي مع الروبوت كما لو كان جراحاً متدرباً، حيث كانوا يوجهون له تعليمات صوتية واضحة مثل "أمسك قاع المرارة" و"حرّك الذراع قليلاً إلى اليسار". استجاب الروبوت لهذه الأوامر بدقة متناهية، منفذاً الحركات المطلوبة وكأنه يتفاعل مع مشرف طبي يُرشده خطوة بخطوة.

أظهر الروبوت قدرة فائقة على إنجاز جميع المهام الجراحية الـ17 اللازمة لاستئصال المرارة، بما في ذلك التمييز الدقيق بين الشرايين والقنوات الصفراوية الحيوية، وتثبيت المشابك الجراحية في أماكنها الصحيحة، وإجراء القطع بالمقصات بدقة بلغت 100%. والأهم من ذلك، أظهر قدرة على التعامل مع الحالات غير المتوقعة وتصحيح الأخطاء التي قد تقع أثناء التنفيذ بشكل مستقل، وهي سمة أساسية للجراحين الخبراء.

يعود هذا النجاح إلى تقنية التدريب المتقدمة التي تُعرف بـ "التعلم بالتقليد المشروط باللغة" (Language-conditioned imitation learning). تم تغذية نظام الذكاء الاصطناعي للروبوت بمئات الساعات من الفيديوهات الجراحية الحقيقية، مرفقة بتعليقات نصية تفصيلية تصف كل خطوة. هذا الأسلوب مكّن الروبوت من ربط الأوامر الصوتية بالأفعال الجراحية المعقدة، وتعليم نفسه كيفية تنفيذ الإجراء كما يفعل الطبيب المتدرب تحت الإشراف.

ويُمثل هذا الإنجاز قفزة نوعية عن الجيل السابق من الروبوتات مثل "STAR"، الذي نجح في عام 2022 في إجراء جراحة على أنسجة رخوة لخنزير حي بشكل مستقل تماماً، لكن بناءً على خطة مبرمجة مسبقاً. أما الابتكار الحالي، فيكمن في قدرة الروبوت على التفاعل والفهم اللغوي في الزمن الفعلي، مما يجعله أقرب إلى الشريك الجراحي الذكي منه إلى الأداة المبرمجة.

صرح قائد الفريق البحثي، الدكتور أكسل كريغر، الأستاذ في قسم الهندسة الميكانيكية، بأن هذا التقدم يعني الانتقال من الروبوتات التي تنفذ مهمة واحدة مبرمجة، إلى روبوتات "تفهم" بالفعل معنى الجراحة وخطواتها وتحدياتها.

بفضل هذه القفزة النوعية، يقترب العالم أكثر من مستقبل تُعتمد فيه الروبوتات الذكية في غرف العمليات، ليس كأدوات مساعدة فقط، بل كجراحين مستقلين أذكياء يمكنهم تقليل الأخطاء البشرية، وربما إتاحة الجراحات المعقدة في المناطق النائية.

نشرت الدراسة في مجلة علوم روبوتية.



مشاركة