أعلنت شركة تشاينا تيليكوم الصينية، المملوكة للدولة، أن وحدتها المتخصصة في التكنولوجيا الكمومية نجحت في إطلاق أول نظام تجاري للتشفير الكمومي على مستوى العالم. وأكدت الشركة أن هذا النظام يتمتع بأمان مطلق، وهو محصّن تمامًا ضد أي محاولات اختراق، بما في ذلك الهجمات التي قد تنفذها الحواسيب الكمومية.
و أجرت الشركة بنجاح أول مكالمة هاتفية في العالم مؤمّنة تماماً عبر تقنية التشفير الكمومي لمسافة تزيد على 1000 كيلومتر بين العاصمة بكين ومدينة هيفي. ويأتي هذا الإنجاز تتويجاً لجهود الشركة في تأسيس شبكات كمومية غطت 16 مدينة رئيسية، من ضمنها بكين وهيفي وشانغهاي، مما يضع حجر الأساس لبنية تحتية وطنية متكاملة للاتصالات الكمومية الآمنة.
مع تطور الكمبيوترات الكمومية، أصبحت القدرة على فك تشفير أنظمة الحماية التقليدية مسألة وقت، مما دفع الصين إلى تطوير نظام التشفير الكمومي لمواجهة هذا التحدي وضمان أمان الاتصالات حتى في مواجهة أقوى الحواسيب الكمومية. يعتمد هذا النظام على نهجين رئيسيين: توزيع المفاتيح الكمومية (QKD) والتشفير ما بعد الكمومي (PQC).
يعمل توزيع المفاتيح الكمومية (QKD) على نقل مفاتيح التشفير باستخدام الفوتونات وفقًا لمبادئ ميكانيكا الكم، حيث يؤدي أي محاولة اعتراض إلى تغيير حالة الفوتونات، مما يسمح باكتشاف الاختراق فورًا. أما التشفير ما بعد الكمومي (PQC)، فيعتمد على مسائل رياضية معقدة للغاية يُعتقد أنها ستظل غير قابلة للاختراق حتى أمام الحواسيب الكمومية. على عكس QKD، لا يحتاج PQC إلى أجهزة متخصصة بل يرتكز على خوارزميات مقاومة لفك التشفير باستخدام قوة الحوسبة التقليدية. من خلال الجمع بين هذين النهجين، يمكن تحقيق مستوى غير مسبوق من الأمان السيبراني في عصر ما بعد الكم.
وبحسب الصحف الصينية، فإن هذا النظام قيد الاستخدام الفعلي، حيث تعتمد عليه منصتان كموميتان أساسيتان ضمن البنية التحتية الحالية. الأولى هي Quantum Secret، وهي خدمة مراسلة وتعاون آمنة تعتمد على التشفير الكمومي لضمان سرية الاتصالات والملفات المتبادلة. أما الثانية، Quantum Cloud Seal، فهي منصة مخصصة لإدارة الموافقات على الوثائق الرسمية ومسارات التدقيق وسير العمل داخل المؤسسات، مما يضمن حماية البيانات الحساسة عبر تقنيات التشفير الكمومي.
هذا المشروع ليس مجرد تطور تقني، بل هو استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى ضمان الأمن المعلوماتي وحماية البيانات من أي اختراق محتمل، حتى في مواجهة التقنيات الكمومية الأكثر تقدما. كما يعزز مكانة الصين كقوة تقنية مستقلة، إذ يوفر لها بنية تحتية متطورة للاتصالات الآمنة، و يضعها في الطليعة في سباق التفوق الكمومي الذي يشهده العالم اليوم.