ما هي القنابل الخارقة للتحصينات.. وما أشهر أنواعها؟

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Nov. 25, 2025

bunkerbusters

القنابل الخارقة للتحصينات، أو الذخائر المخترقة للأرض، هي ذخائر مصممة خصيصاً لاختراق الملاجئ والمراكز العسكرية المدفونة تحت الأرض قبل أن تنفجر داخلها. على عكس الذخائر التقليدية، لا تنفجر هذه القنابل عند ملامسة السطح، بل تحافظ على هيكلها سليماً لتخترق التحصينات وتصل إلى المنشأة تحت الأرض، ثم تنفجر ضمنها وتدمرها.

عند إسقاط القنبلة، تضرب الهدف بسرعة هائلة، وعوضاً عن التحطم، يعمل غلافها الخارجي المصنوع من معادن فائقة الصلابة كمسمار عملاق يخترق السطح. وتحتوي القنبلة على مستشعرات تؤخر الانفجار، وحالما تستشعر أنها اخترقت الجدار، تطلق شرارة البدء بالانفجار.

تلعب المواد المستخدمة في صناعة هذه القنابل دوراً حاسماً في قدرتها التدميرية. حيث يُصنع الجسم الخارجي (المخترق) عادة من سبائك فولاذ عالي الكثافة أو سبائك خاصة، وأحياناً من مواد مثل اليورانيوم المنضب لتزيد من قدرتها على الاختراق.

عند إطلاقها من طائرة مقاتلة أو قاذفة استراتيجية، تستفيد القنبلة من وزنها الكبير وسرعتها العالية لتخترق طبقات الخرسانة أو التربة. فكلما كان المعدن أكثر كثافة وصلابة، زادت قدرته على الحفاظ على زخمه وقطع الحديد والإسمنت في طريقه. وعادة ما يكون تصميم القنبلة انسيابياً، طويلاً ونحيلاً (ذو نسبة طول إلى قطر عالية) لتركيز طاقة الارتطام في نقطة واحدة صغيرة، مما يضاعف قدرة الاختراق مقارنة بالقنابل العريضة.

ويرتبط العمق الاختراقي الذي تحققه القنبلة ارتباطاً وثيقاً بوزنها وسرعتها وزاوية الإطلاق. فكلما زاد وزن الرأس الحربي، زادت قدرته على الاختراق، وكلما كانت سرعة السقوط أكبر، زادت الطاقة الحركية التي تساعد على اختراق المواد الصلبة. لهذا السبب تُطلق هذه القنابل عادة من ارتفاعات كبيرة بواسطة طائرات مثل B-2 Spirit، لتكتسب سرعة هائلة قبل الاصطدام. كما يمكن تزويدها بمحركات صاروخية دفعية لزيادة سرعتها قبل الارتطام، كما في بعض الصواريخ التكتيكية. وتزن بعض النماذج مثل GBU-57 MOP أكثر من 13 طناً، ما يمنحها قدرة على اختراق عشرات الأمتار من التربة أو عدة أمتار من الخرسانة المسلحة.

ومن أبرز الأمثلة على هذه القنابل القنبلة الأمريكية العملاقة GBU-57 المعروفة باسم "العتاد المخترق الهائل" (MOP)، وهي الأضخم من نوعها بوزن يصل إلى 13.6 طن. بينما تستخدم إسرائيل قنابل أصغر حجماً لكنها فعالة، مثل القنبلة GBU-28 بوزن 2.3 طن. وتعتمد بشكل رئيسي على قنابل من فئة 900 كغ، حيث تستخدم الرؤوس الحربية الخارقة من طراز BLU-109، وتُركب عليها أنظمة توجيه ذكية مثل JDAM أو SPICE لتحويلها إلى قنابل دقيقة خارقة للتحصينات.

تتفاوت قدرة هذه القنابل على الاختراق بناءً على طبيعة الهدف. فالقنابل العملاقة مثل GBU-57 قادرة نظرياً على اختراق ما يصل إلى 60 متراً في التربة العادية أو الصخور اللينة قبل الانفجار. ولكن عند مواجهة الخرسانة المسلحة، تتغير المعادلة تماماً بناءً على صلابة الخرسانة (PSI)؛ ففي حين يمكن اختراق حوالي 18 متراً في الخرسانة العادية، ينخفض هذا العمق بوضوح أمام الخرسانة فائقة الصلابة (10,000 PSI أو أكثر) المستخدمة في المفاعلات والمراكز الحساسة، ليصل إلى حوالي 8 أمتار فقط للضربة الواحدة.

وللتغلب على هذا التحدي الهندسي، طورت الجيوش تكتيك "القصف المتتابع" أو الحفر، حيث يتم توجيه عدة قنابل لنفس الإحداثيات بدقة فائقة عبر نظام GPS. تقوم القنبلة الأولى بفتح ثغرة، وتتبعها الثانية لتعميقها، وهكذا حتى تصل القنبلة الأخيرة إلى عمق الهدف وتدمره.



مشاركة