في مقابلة مع صانع الأفلام كريستوفر نولان يقول عن نماذج الذكاء الاصطناعي: "هذه النماذج والطريقة التي تعالج بها المعلومات كلها معتمدة على الإبداع البشري من الماضي" ولهذا لا يظن أنها يمكن أن تستبدل الإبداع البشري لكنها تساعده، وهناك الكثيرون ممن يتبنون هذا الموقف لكن بالمقابل هناك من يرى أن روبوتات الدردشة تتفوق أو في طريقها لتتفوق على البشر حتى في المجالات الإبداعية.

لذلك قام الباحثين أنيل دوشي وأوليفر هاوزر في كلية لندن الجامعية وجامعة إكستر على التوالي، بإجراء دراسة تجريبية لتقييم فيما إذا كانت هذه النماذج (روبوتات الدردشة) تساعد الإبداع البشري أم لا ولا يهدفان البحث في السؤال عن قدرتها الإبداعية مقارنة بالبشر.

اختار الباحثون 300 كاتب لا يصنفون أنفسهم أنهم كتاب محترفين، و أجروا اختبارات لهم لقياس مدى قدرتهم على الكتابة الإبداعية. ثم قاموا بتقسيمهم إلى 3 مجموعات وطلبوا منهم كتابة قصص قصيرة عن موضوع معين تحتوي 8 جمل فقط. المجموعة الأولى يتوجب عليها أن تكتب القصص دون مساعدة الذكاء الاصطناعي والثانية يمكن أن تستخدمه لتوليد فكرة واحدة فقط عما ستكتب عنه، والثالثة يمكن أن تستخدمه لتوليد 5 أفكار. ولكن الجميع في النهاية يكتبون قصصهم بأنفسهم.

قام 600 شخص بتقييم القصص المكتوبة لمعرفة مدى ابداعيتها ورغم صعوبة تقييم ذلك لكن معظم الدراسات تستخدم معيارين: الحداثة والفائدة. والحداثة تشير إلى مدى أصالة القصة و فرادتها، والفائدة تشير إلى مدى جودة القصة وارتباطها بالجمهور المستهدف.

وجد الباحثون أن القصص التي تمت كتابتها بمساعدة الذكاء الاصطناعي أكثر حداثة وأكثر فائدة، والمجموعة التي استخدمت 5 جمل كانت أكثر حداثة بنسبة 8% وأكثر فائدة بنسبة 9% من تلك التي استخدمت فكرة واحدة. وهذا يشير إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي يساعد الأفراد على كتابة قصص إبداعية أكثر مما يزيد إبداع الفرد.

لكن من ناحية أخرى قام الباحثون بتقييم القصص لكل مجموعة بشكل كلي، فوجدوا أن القصص التي تستخدم الذكاء الاصطناعي متشابهة أكثر بكثير من تلك التي لاتستخدمه، مما يشير أن الإبداع على المستوى الجمعي ينخفض عند استخدام الذكاء الاصطناعي ويمكن تفسير ذلك أن الذكاء الاصطناعي محدود بمجموعة من الأفكار الذي يعتمد عليها جميع الكتاب مما يزيد التشابه في قصصهم.

كما وجدو أن الكتاب الذين سجلوا نقاط ابداع أعلى في الاختبارات المسبقة كان أثر الذكاء الاصطناعي في زيادة ابداعهم ضعيف أو قلل إبداعهم، مما يشير أن الذكاء الاصطناعي يساعد الأفراد الأقل إبداعاً على تحسين كتاباتهم ولكنه لا يقدم قيمة حقيقية للكتاب الأكثر إبداعاً.

وبالتالي تخلص الدراسة إلى أن الذكاء الاصطناعي مفيد في تغذية الإبداع الفردي، ولكن الإفراط في استخدامه يقلل من الإبداع الجمعي. وهذا بطريقة ما ما ينسجم مع رأي كريستوفر نولان الذي بدأنا به وهو أن الذكاء الاصطناعي أداة قوية مفيدة لكنه لايستبدل الإبداع البشري كونه يعتمد على إبداع الماضي فقط.