ماهي السينغيولارتي التقنية؟ وهل سنصبح فائقي الذكاء عام 2045

بقلم:   د. حسام حمدان           |  Sept. 19, 2022

السينغيولارتي التكنولوجية

بعد 23 عام فقط لن نكون موجودين كما نحن اليوم. فعقولنا ستصبح مزيجاً من عقلنا البيولوجي الحالي والعقل الالكتروني الفائق الذكاء. عقولنا المحدودة وبطيئة التفكير ستتصل بالعقول الالكترونية الفائقة السرعة؛ ليتمكن كل منا من امتلاك ذكاء خارق يتفوق على ذكاء البشرية جمعاء. فتخيل أن كل شخص يملك من الذكاء ما يعادل ذكاء كل البشر الحاليين؛ فكم من الابتكارات والمفاجآت ستحدث!

يسمي الكاتب والمخترع ري كورزويل لحظة حدوث هذا التحول بالسينغيولارتي التقنية The Technological Singularity. وقد تنبأ أن عام 2045 هو عام السينغيولارتي. إذ ستدخل الإنسانية في طور تطور جديد كلياً سينتهي فيه عصر الانسان البيولوجي ليبدأ عصر الانسان الهجين (جزء منه بيولوجي وجزء منه آلي).

فالسينغيولارتي هي لحظة في الزمن يصبح فيها ذكاء الآلة أكبر من ذكاء كل البشر مجتمعين. وبنفس الوقت ستكون عقولنا متصلة بتلك الآلات الذكية مما سيجعلنا فائقي الذكاء.

بعكس الكثيرين الذين يخشون تلك اللحظة -لحظة تفوق الآلات على البشر- و يتخيلون حدوث سيناريوهات أفلام الخيال العلمي وسيطرة الآلات علينا واستعبادهم لنا. فإن كروزويل لا يخشى من ذلك؛ بل يراه تطور طبيعي للجنس البشري وسنبقى الجنس المسيطر لكننا لن نبقى كما نحن بل سنتطور كون عقولنا ستكون متصلة بالذكاء الاصطناعي.

فكما يعتبر الهاتف الذكي امتداداً لذكائنا اليوم ويسهل علينا الحصول على المعارف واستخدامها. فإن الاتصال الدماغي المباشر مع الذكاء الاصطناعي والانترنت سيمكننا من اجراء العمليات التي نريدها بسرعة فائقة تتجاوز بمراحل قدرات عقولنا البيولوجية مما يعطينا قدرات فائقة.

يعتمد كروزيل في نظريته هذه على التسارع التكنولوجي. فالقدرات الحسابية للكمبيوترات تتضاعف باستمرار فحسب قانون مور تتضاعف سرعة المعالجات كل سنتين تقريبا. ويرى كروزويل أن قدرات الذكاء الاصطناعي تتضاعف أيضاً و التطور في أجهزة ربط الدماغ بالكمبيوتر لاسلكياً يتطور وبالتالي سنصل إلى هذه المرحلة حتماً. ولكن هذا لن يحدث فجأة بل سيمر بمراحل:

المرحلة الأولى ستحدث في عام 2029 إذ ستجتاز الآلات اختبار تورينغ. أي أننا لن نستطيع أن نميز بين ذكاء الآلات وذكاء الانسان؛ وإذا تحدثنا إلى آلة لساعات لن تتصرف إلا كإنسان ذكي عارف.

في العام التالي 2030 ستصل تقنيات اتصال الدماغ بالآلات لمرحلة متطورة بحيث نتمكن من تبادل المعلومات بين عقولنا والذكاء الآلي. وستكون الـ 15 سنة القادمة فترة كافية كي تتطور هذه التقنيات وتنضج وتصل إلى مرحلة متقدمة. كما سيتمكن الذكاء الاصطناعي من أن يصبح أذكى من كل البشر مجتمعين. عندها في عام 2045 سنكون جاهزين لتدخل الإنسانية طوراً جديداً لن يكون الانسان البيولوجي بدون اتصاله مع الذكاء الاصطناعي قادر على الاستمرار فيه.

بدأ الترويج لمصطلح السينغيولارتي في قصص الخيال العلمي للكاتب و بروفسور علوم الحاسب فيرنر فانج؛ ففي الثمانينيات كتب عدة قصص عن السينغيولارتي. إلا أنه لم يكن أول من تكلم عنها فيعد عالم الكمبيوتر الشهير فون نويمان أول من استخدم هذا المسمى ليشير فيه إلى أن التقدم التكنولوجي المتسارع سيؤدي يوماً ما إلى إنتاج آلات تتفوق في مقدراتها على البشر. فيرنر فانج توقع حدوثها في عام 2023 لكنه لم يعش ليرى عدم صحة تنبؤه هذا. ري كروزويل أعطاها 22 سنة إضافية فإن لم يحدث ما توقع فعلى الأغلب لن يكون هنا لنسأله عن ذلك.

تبقى نظرية كروزويل هذه مجرد توقع يصعب على الكثيرين قبوله ويحبون أن يرون قصته هذه في فيلم خيال علمي فقط. ويقول بعض منتقديه أن الاعتماد على التطور المتسارع في التقنيات والذكاء الاصطناعي لايبرر ما يطرحه على الإطلاق. ويعتقد آخرون أن مايطرحه كورزويل إن كان ممكناً يوماً فلن يحصل ما لم نصل لفهم شامل عن كيفية عمل الدماغ البشري واكتشاف طريقة -إن وجدت- لجعله يتصل مع الأجهزة الالكترونية ويتخاطب معها كأنها جزء من تكوينه.



مشاركة