قانون مور: نبوءة في العالم الرقمي؟

بقلم:   د. حسام حمدان           |  Nov. 11, 2022

قانون مور

غير التقدم التكنولوجي البشرية للأبد وأصبحت التكنولوجيا الحديثة جزءاً من حياتنا لا يمكن التخلي عنه؛ فأصبحنا متصلين بالعالم في كل لحظة ومن أي مكان؛ وأصبحت الآلات أكثر ذكاءً ومستقلة في عملها لحد كبير في كثير من الأحيان.

تعد أشباه الموصلات العصب الأساسي لكل هذا التقدم؛ لدرجة أنَّ الكثيرين يعتبرونها الـ DNA الرقمي أو الحمض النووي الرقمي. وقد تطورت أشباه الموصلات خلال الـ 60 سنة الماضية بشكل كبير. فكل عامين تقريباً كان يتم تصغير أحجامها للنصف مما يُمَكّن من مضاعفة قدرتها الحسابية مع بقاء التكلفة ثابتة. عُرِفَ هذا التوصيف لتطور صناعة أشباه الموصلات باسم قانون مور. يظن البعض أن قانون مور قد مات؛ وآخرون يجادولو أنه مستمر؛ والبعض يعتقد أنه عمل دعائي و لم يكن أبداً صحيحاً.

ماهو قانون مور؟

في عام 1965 نشر غوردون مور -وكان حينها رئيس قسم البحث والتطوير في أشهر شركة لتصنيع أشباه الموصلات الذي يؤسس بعد ثلاثة سنوات مع شريكين آخرين شركة إنتل لتصنيع الرقائق الإلكترونية- نشر مقال بعنوان: "حشر المزيد من المكونات في الدوائر المتكاملة".

حاول مور في هذا المقال توقع كيف ستتطور صناعة الرقائق الالكترونية اعتماداً على التطور الذي أحرزته الشركة التي كان يعمل فيها تلك الأيام. وقد راقب عدد الترانزستورات في الميليمتر المربع خلال 5 أعوام فقط وهي الاعوام 1959, 1962؛ 1963؛ 1964؛ 1965 (كما يوضح المخطط بالأسفل والذي نشره مور). وقام بناءاً على هذه النقاط باستنتاج معادلة ترسم خط بياني يتوقع ما سيكون عليه عدد الترانزستورات في السنوات القادمة. فبعد مشاهدة الخط البياني خرج باستنتاجه أن كل سنة سنتمكن من مضاعفة عدد الترانزستورات في الرقائق الالكترونية. فقال مور :

"لقد زاد عدد الترانوستورات بمعدل ضعفين تقريباً كل عام؛ بالتأكيد على المدى القصير من المتوقع أن يستمر هذا المعدل أو يزداد. لكن على المدى الطويل فهذا التضاعف غير مؤكد على الرغم من عدم وجود سبب للاعتقاد بأنه لن يظل ثابتاً تقريباً لمدة 10 سنوات على الأقل". بعد 10 أعوام غير مور فترة المضاعفة من عام إلى عامين. وأصبح قانون مور: "كل عامين يتضاعف عدد الترانزستورات في الدوائر الالكترونية" .ويعبر عنه كذلك بالقول: "كل عامين تتضاعف سرعة المعالجات".

وقد استفادت الصناعات الالكترونية من هذا التوقع كثيراً في بناء أجهزتها والتخطيط لمستقبل أعمالها بناءاً على التطور في القدرات الحسابية للمعالجات الرقمية.

لم يسمي مور ذلك بالقانون فهو أسماه استقراء ولم يدعي أنه قانون أو نبوءة لكن العديد من المؤثرين في الوسط التكنولوجي بدؤوا يسمونه قانوناً وأصبح عند بعض الصحفيين نبوءة.

نهاية النبوءة ذاتية التحقق self-fulfilling prophecy

إن قانون مور قد انتهى؛ فمنذ وصل حجم الترانزستور إلى حدود 28 نانومتر. أصبح من غير الممكن زيادة عدد الترانزستورات في المليمتر المربع لأن التيار بدأ بالتسرب ولم تعد تعمل بكفاءة. مما أدى إلى ابتكار الترانزستور ثلاثي الأبعاد وكانت شركة إنتل أول من ابتكره.

ويعتقد الكثيرون أن المهندسين عملوا بجد لتحقيق هذا الابتكار على الرغم من عدم الحاجة الملحة له؛ لأن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها زيادة القدرة الحسابية لكن إصرارهم على زيادة عدد الترانزستورات دفعهم للبحث عن حلول فهدفهم الأول لم يكن زيادة القدرة الحسابية. ولهذا يطلق عليه البعض نبوءة ذاتية التحقق أي أن مهندسي إنتل عبر كل هذه السنوات عملوا بجد على تحقيق هذا القانون ولهذا ظل صحيحاً طوال تلك السنوات.

يقول البعض أن قانون مور قد انتهى فالترانزستور ثلاثي الأبعاد ليس هو الترانزستور ثنائي الأبعاد. ويجادل أخرون أن جوهر قانون مور بقي حياً فما زلنا نستطيع زيادة عدد الترانزستورات في الشرائح الرقمية وبالتالي زيادة القدرة الحسابية.

لاشك أن عدد الترانزستورات لم يعد يتضاعف كل سنتين ولكنه مستمر بالازدياد. فسواء كان قانون مور صحيحاً أم نبوءة ذاتية التحقق فقد لعب دوراً هاماً في دفع عجلة تطور تكنولوجيا أشباه الموصلات.



مشاركة