لماذا يتعطش ترامب لنفط فنزويلا الآن؟

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Dec. 17, 2025

usvenoil

تمتلك فنزويلا أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم، يُقدر بحوالي 303 مليارات برميل، وهو ما يمثل قرابة 18% من إجمالي الاحتياطي العالمي. ورغم أن معظمه من نوع النفط الخام الثقيل جداً، وهو نوع كثيف ولزج صعب التكرير، إلا أن هذه الخاصية أصبحت ميزة استراتيجية بالنسبة لأمريكا اليوم.

فالولايات المتحدة أصبحت أكبر منتج للنفط في العالم بفضل ثورة النفط الصخري، وهو نفط من النوع الخفيف تزايد إنتاجه مؤخراً. لكن المشكلة تكمن في البنية التحتية لمصافي التكرير الأمريكية العملاقة المتمركزة في خليج المكسيك في تكساس ولويزيانا؛ إذ صُممت هذه المصافي هندسياً، وضُخت فيها استثمارات بمليارات الدولارات طوال العقود الماضية، لتتعامل خصيصاً مع النفط الثقيل المعقد، لا الخفيف.

ولكي تعمل هذه المصافي بكفاءة اقتصادية قصوى وتحقق هوامش ربح عالية، فإنها تحتاج لخلط النفط الصخري الخفيف بنفط ثقيل مستورد. ومع توقف استيراد النفط الثقيل من روسيا بسبب العقوبات الصارمة عقب حرب أوكرانيا، ومحدودية القدرة اللوجستية لخطوط الأنابيب القادمة من كندا، وجدت الولايات المتحدة نفسها أمام مصافٍ متعطشة للنوع المحدد من النفط الذي تمتلكه فنزويلا القريبة بوفرة، مما يجعل عودة هذا النفط ضرورة ملحة لخفض تكلفة إنتاج الوقود للمواطن الأمريكي، وليس مجرد خيار تجاري.

هذا من الناحية الاقتصادية والهندسية، لكن لا يمكن فصل الأمر عن الصراع الدولي المحتدم؛ حيث تشير تحليلات مراكز الدراسات الغربية الاستراتيجية إلى أن واشنطن ترى في فنزويلا ساحة نفوذ لا يجب تركها للخصوم. لقد استغلت قوى مثل الصين وروسيا وإيران الفراغ الأمريكي في كاراكاس لسنوات؛ فالصين باتت الدائن الأكبر والمستورد الرئيسي للنفط الفنزويلي سداداً للديون، وروسيا عززت حضورها العسكري، بينما وسعت إيران تعاونها في قطاع الطاقة.

لذا، فإن تحرك ترامب وإدارته الآن يهدف إلى تطبيق نسخة محدثة من مبدأ مونرو، بقطع الطريق على هذا التمدد الشرقي في الحديقة الخلفية لأمريكا، وضمان تدفق عوائد الطاقة الفنزويلية ومواردها نحو الشمال أي الولايات المتحدة بدلاً من الشرق(الصين)، مما يضرب عصفورين بحجر واحد: تأمين الغذاء المناسب للمصافي الأمريكية، وحرمان الخصوم الجيوسياسيين من موطئ قدم استراتيجي في المجال الحيوي الأمريكي.



مشاركة