مقاتلات الجيل الخامس الشبحية: ما هي ومن يصنعها؟

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Nov. 19, 2025

stealth-fighters

تمثل مقاتلات الجيل الخامس اليوم أفضل ما وصلت إليه الدول الكبرى في تقنيات التفوق الجوي. ويُقصد بالجيل الخامس مجموعة الطائرات التي تجمع بين عدة خصائص رئيسية ضمن تصميم شامل يهدف إلى تحقيق السيادة الجوية والقدرة على العمل في أكثر البيئات القتالية تعقيداً.

تعتمد هذه الطائرات على منظومة متكاملة من التقنيات المتقدمة أبرزها التخفي (Stealth) وبصمتها الرادارية والحرارية المنخفضة. وتعد تقنية التخفي من أهم سمات هذا الجيل، إذ تستخدم الطائرات مواد ماصة للموجات وتصميمات هندسية خاصة تقلل من إمكانية اكتشافها عبر الرادار. وإلى جانب ذلك، تسعى هذه المقاتلات لتقليل بصمتها الحرارية للحد من إمكانية استهدافها بالصواريخ الحرارية.

من الخصائص الأساسية الأخرى دمج الحساسات من الرادار والكاميرات وأجهزة الاستشعار لتكوين صورة متكاملة أمام الطيار. ويوفر دمج الحساسات صورة تكتيكية موحدة للطيار من خلال جمع بيانات الرادار والكاميرات وأجهزة الاستشعار في نظام واحد متكامل، وهو ما يمنحه إدراكاً ميدانياً عالي الدقة يسمى (Situational Awareness). وتعمل مقاتلات الجيل الخامس ضمن منظومة حرب شبكية (Network-Centric Warfare)، إذ تتبادل البيانات لحظياً مع منصات جوية وبرية وبحرية، مما يعزز قدرتها على العمل المشترك.

تتميز هذه المقاتلات كذلك بقدرتها على التحليق بسرعات فوق صوتية دون استخدام الحارق اللاحق (Supercruise)، مما يقلل استهلاك الوقود ويزيد الكفاءة التشغيلية والمدى. وإلى جانب ذلك، تمتلك بعض هذه الطائرات القدرة على المناورة الفائقة (Super-maneuverability) بفضل تقنيات الدفع الموجه (Thrust Vectoring)، مما يمنحها أفضلية في الاشتباكات القريبة.

المقاتلات العاملة: من يصنع الجيل الخامس اليوم؟

دخلت عدة طائرات من هذا الجيل الخدمة في العقدين الأخيرين وهي من تصنيع ثلاث دول بشكل رئيسي: الولايات المتحدة، الصين، وروسيا.

الولايات المتحدة: مقاتلتان في الخدمة

تعد F-22 Raptor الأمريكية أولى هذه المقاتلات التي دخلت الخدمة عام 2005، لكن إنتاجها توقف عند نحو 187 طائرة عام 2012.

أما F-35 Lightning II الأمريكية فقد أصبحت الأكثر انتشاراً عالمياً منذ دخولها الخدمة عام 2015، وتم إنتاج أكثر من ألف طائرة منها لصالح الولايات المتحدة والعديد من الدول الحليفة مثل اليابان وإسرائيل والمملكة المتحدة وإيطاليا وأستراليا وغيرها، وتُصمم للقيام بمهام متعددة تشمل الدعم الجوي القريب والقصف والدفاع الجوي.

الصين: مقاتلتان في الخدمة

في الصين، دخلت المقاتلة الشبحية J-20 الخدمة رسمياً عام 2017، ويُقدَّر أن عددها اليوم يتجاوز 300 طائرة، ما يجعلها ثاني أكبر برنامج مقاتلات من الجيل الخامس في العالم بعد الـ F-35 الأمريكية.

كما دخلت المقاتلة J-35 الخدمة رسمياً في عام 2025، حيث انضمت إلى القوات الجوية والبحرية الصينية، ويُقدَّر أن عددها الأولي يتراوح بين 10 إلى 20 طائرة ضمن الدفعة الأولى.

روسيا: مقاتلة Su-57

في روسيا، دخلت المقاتلة Su-57 (Felon) الخدمة بدءاً من عام 2020، ورغم أن أعدادها ما تزال محدودة فإنها تمثل حجر الأساس في تطوير القدرات الجوية الروسية، وتتميز بقدرات عالية على المناورة.

برامج دولية ومقاتلات قيد التجربة والاختبار

تعمل عدة دول حول العالم على تطوير مقاتلاتها الخاصة من الجيل الخامس:

في تركيا، حقق مشروع KAAN تقدماً مهماً مع تنفيذه أول رحلة تجريبية في فبراير 2024، وما يزال المشروع يخضع لسلسلة من الاختبارات المكثفة.

في الهند، فيجري العمل على مشروع AMCA، و يتوقع أن يقوم بأول طيران تجريبي خلال لسنوات المقبلة.

في روسيا، يجري تطوير المقاتلة Su-75 Checkmate التي كُشف عنها لأول مرة عام 2021 كنموذج أولي.

أما اليابان والمملكة المتحدة وإيطاليا، فقد أطلقت هذه الدول برنامجاً مشتركاً يُعرف باسم GCAP في ديسمبر 2022. يهدف المشروع إلى دمج خبرات كل دولة في تصميم مقاتلة متقدمة تجمع بين تقنيات الجيل الخامس والسادس، لكن المشروع لا يزال في مرحلة التصميم.

العبور إلى الجيل السادس: المستقبل القريب

يمهّد الجيل الخامس الطريق مباشرة إلى ظهور الجيل السادس من المقاتلات، وهو جيل سيجمع بين التخفي المتغير، والتحكم المتقدم بالطائرات المرافقة غير المأهولة، واستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل موسع في اتخاذ القرارات وإدارة المهام.

ومع استمرار التطور المتسارع في مجالات الاستشعار والمحركات والحوسبة، يبدو أنّ السماء في المستقبل القريب ستكون ساحة لطائرات أكثر ذكاءً واتصالاً وقدرة على تنفيذ مهام معقدة دون أن تُكشف بسهولة، مما يجعل الجيل السادس امتداداً طبيعياً للثورة التي بدأتها مقاتلات الجيل الخامس.



مشاركة