في ظل تصاعد الهجمات الجوية على عدد من الدول العربية، سواء عبر الطائرات المسيّرة أو الصواريخ الباليستية والمجنحة، تزداد الحاجة إلى أنظمة دفاع جوي قادرة على التصدي لهذه التهديدات.
من بين أبرز هذه الأنظمة، يبرز نظام الدفاع الجوي الروسي "إس-400 تريومف" كواحد من أكثر الأنظمة تطوراً في العالم. تم تطويره في التسعينيات كترقية لسلسلة "إس-300"، بهدف مواجهة التهديدات الجوية الحديثة مثل الطائرات الشبحية، والصواريخ المجنحة، والطائرات بدون طيار. دخل الخدمة رسمياً في الجيش الروسي عام 2007.
يتكون النظام من ثلاث أجزاء رئيسية:
أولًا: الرادارات
تشكل الرادارات العمود الفقري لنظام S-400، حيث تبدأ العملية برادار الكشف بعيد المدى الذي يُستخدم لمسح المجال الجوي واكتشاف الأهداف على مسافات قد تصل إلى 600 كيلومتر. هذا الرادار قادر على التمييز بين أنواع متعددة من التهديدات، مثل الطائرات الشبحية والصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيّرة. بعد اكتشاف الهدف، تنتقل المهمة إلى رادار التتبع والتحكم بالنيران، وهو رادار عالي الدقة يتولى متابعة الهدف لحظة بلحظة وتوجيه الصواريخ نحوه باستخدام تقنيات توجيه متقدمة. يعمل كلا الرادارين بتناغم لتوفير صورة دقيقة ومستمرة عن الوضع الجوي، مما يتيح للنظام اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
ثانياً: منصات الإطلاق
تتكون منصات الإطلاق من مركبات مزودة بأنابيب إطلاق عمودية، وكل مركبة تحمل عادة أربعة صواريخ جاهزة للإطلاق الفوري. هذه المنصات قادرة على إطلاق أنواع متعددة من الصواريخ، تختلف في المدى والقدرة على المناورة، مثل صواريخ 40N6E بعيدة المدى تصل 400 كم وصواريخ مثل 48N6DM و 9M96E2 المخصصة للأهداف السريعة والمناورة. يتم اختيار نوع الصاروخ بناءً على طبيعة الهدف ومدى اقترابه، وتُطلق الصواريخ بسرعة عالية نحو الهدف بمجرد تلقي الأمر من مركز القيادة، مع إمكانية إطلاق عدة صواريخ في وقت واحد لاعتراض أكثر من تهديد.
ثالثاً: مركز القيادة والسيطرة
يُعد مركز القيادة والسيطرة العقل المدبر للنظام، حيث يستقبل البيانات من الرادارات ويقوم بتحليلها وتحديد نوع التهديد وخطورته. يحتوي هذا المركز على أنظمة إلكترونية متقدمة لمعالجة المعلومات واتخاذ قرارات الاشتباك، كما ينسق بين الرادارات ومنصات الإطلاق لضمان تنفيذ العملية بدقة وسرعة. بالإضافة إلى ذلك، يتصل المركز بشبكة الدفاع الجوي الأوسع، مما يسمح له بالعمل ضمن منظومة متكاملة تشمل أنظمة أخرى مثل S-300 أو Pantsir، ويمنحه القدرة على التعامل مع سيناريوهات متعددة في وقت واحد.
وقد أثبت النظام فعاليته في عدة مناطق، منها سوريا، حيث ساهم في حماية القواعد الروسية من التهديدات الجوية، كما تم نشره في الحرب الروسية الأوكرانية ضمن منظومات الدفاع الروسية. أما على المستوى الدولي، فقد حصلت عليه عدة دول مثل الصين، والهند، وتركيا، وبيلاروسيا، والجزائر وإيران.
اختبرته إيران مؤخراً بعد الحرب الاسرائيلية عليها، والجزائر كشفت رسمياً عنه خلال مناورة "الصمود 2025"، حيث أظهرت القوات المسلحة الجزائرية نشراً عملياً للمنظومة، مما يؤكد تشغيلها الفعلي ضمن شبكة الدفاع الجوي الجزائرية.