الهندسة العكسية: سرقة أم إعادة ابتكار؟

بقلم:   تامر كرم           |  Feb. 9, 2024

هندسة عكسية

كثيراً مايفرح المقاتلون وأكثر منهم المهندسون في الخطوط الخلفية بإسقاط طائرة تجسس للعدو أو الحصول على صاروخ سقط ولم ينفجر؛ فهي تعد فرصة للتعرف على كيف يصمم العدو أسلحته والاستفادة من نقاط القوة واستغلال نقاط الضعف لبناء مضادات أكثر كفاءة لها.

يقوم المهندسون بعملية تعرف بالهندسة العكسية؛ ففي الهندسة يقوم المهندسون بتصميم السلاح أو المنتج والتحقق من إمكانية عمله ثم تصنيعه؛ أما في الهندسة العكسية فالسلاح/المنتج أمامهم وما عليهم فعله هو تفكيكه وفهم كيف تم تصميمه والغاية من هذا التصميم.

قد يعتقد البعض أن العملية سهلة لكنها معقدة جداً في كثير من الأحيان وفي الحقيقة مسألة سهولتها أو تعقيدها يرتبط بخبرة وتخصص الفريق الذي يقوم بها.

فلنفترض أن فريق صناعة الطائرات المسيرة الإيرانية الشهيرة شاهد 136 حصل على أحدث مسيرة أمريكية؛ عندها ستكون الفائدة منها كبيرة جداً وذلك أن الفريق قام بتصنيع مسيرات متطورة فقد واجه كل مشاكلها ويعرف نقاط ضعفها ويعمل على حلها؛ فيجد في طائرة أمريكية حل لمشكلة يعمل عليها فسرعان مايستطيع فهم كيف حلوها ويمكن له تطبيق نفس الطريقة لتطوير مسيرته.

لنفترض أن فريق تطوير طائرات ميغ الروسية حصل على الطائرة الامريكية المسيرة المتقدمة فلن تكون ذات فائدة له وربما سيجد من الصعوبة فهمها وسيحتاج وقت طويل لفهم كيف تعمل الأجزاء الأساسية فيها لأنه لايمتلك خبرة كافية في الطائرات المسيرة.

فالهندسة العكسية وإن بدت سهلة للكثيرين إلا أنها عملياً عملية تحتاج خبرات كبيرة كي تنتج شيئاً مفيداً.

الهندسة العكسية سرقة أم تعلم؟

في حالة الحروب كل فريق يسعى للتفوق على خصمه وهنا لا تبدو مسألة كونها سرقة أم لا ذات أهمية. فالمنتصر بالنهاية سيسرق من الخاسر كل شيء. أما في الحالة المدنية في دول يسود بينها القانون فكل ابتكار يتم تسجيله وينال صاحبه براءة اختراع تبقى صالحة على الأقل 10 سنوات؛ خلال هذه السنوات لايحق لأحد تصنيع ابتكاره دون إذن من المبتكر وذلك لحماية حقوق المبتكرين.

لكن الهندسة العكسية لأي ابتكار لاتعد سرقة بل هي محاولة للفهم والتعلم بشرط عدم تصنيع التقنيات المحمية بحقوق اختراع في الجهاز فهي تعد سرقة.

غالباً ماتكون الهندسة العكسية محفزا لإيجاد حلول أكثر من كونها تقليد مباشر لما تمت هندسته عكسياً؛ ولهذا تعتبر في معظم الحالات كمغذي للابتكار والمعرفة وحتى أكثر الفرق الهندسية تطوراً في العالم تقوم بهندسة عكسية لمنتجات آخرى للتعلم أولاً وليس آخراً.



مشاركة