تأسست OpenAI عام ٢٠١٥ بمبادرة من إيلون ماسك لتكون شركة غير ربحية تطور الذكاء الاصطناعي العام ليكون آمن ومفيد لكامل البشرية، فيبقى مفتوحاً للجميع ولا يتمكن أحد من الهيمنة عليه وتطوير أنظمة ذكية مغلقة تدير كل شيء ولانعرف عنها شيء، لكن الشركة تخلت عن هدفها الأولي وكذلك فعل مؤسسيها.
إيلون ماسك سرعان ماترك مجلس الإدارة، و تخلت الشركة عن هدفها غير الربحي عام 2019، إذ أنشأت تحت إدارة سام التمان كيان ربحي للشركة، تمكن بعدها من جلب مستثمرين أولهم مايكروسوفت التي ضخت حوالي 13 مليار دولار في الشركة وتمتلك 49% منها، يمكن اعتبار سام التمان مؤسس هذا الكيان الربحي، وبذلك يكون الأول بين المؤسسين الذي اتجه لبناء ذكاء اصطناعي مغلق بهدف تجاري.
أما الثاني فهو إيلون ماسك، فقد أثار نجاح تشات جي بي تي منذ عام 2022 مخاوفه من جديد حول إمكانية وصول أحد الأطراف لتطوير ذكاء اصطناعي عام، وقرر تأسيس xAI عام 2023 لكنه هذه المرة لم يحاول أن يجعلها شركة ذكاء اصطناعي مفتوح وغير ربحية، بل وضع لها شعار أنها تهدف "لفهم الطبيعة الحقيقية للكون". وتمكن منذ أشهر من جمع ٦ مليارات دولار، وأنهى منذ أيام بناء العملاق Colossus- أكبر كمبيوتر فائق لتدريب الذكاء الاصطناعي يتألف من 100 ألف شريحة H100 من إنفيديا.
أما المؤسس الثالث هو إيليا سوتسكيفر وكان كبير الباحثين في الشركة، وقد أقنعه ماسك عند التأسيس أن يترك عمله في غوغل ويأتي معهم، ثم لعب دوراً هاماً في إقالة سام التمان عام 2023 لكنه سرعان ماتراجع عن الأمر وعاد ألتمان واستقال هو من مجلس الإدارة، ثم ترك الشركة في 2024 وأسس شركة (Safe Superintelligence) التي تهدف حسب تعبيرهم لبناء منتج واحد: "ذكاء فائق آمن"،فهو أيضاً تخلى عن هدف الذكاء المفتوح للجميع وأصبح يريده آمناً فقط.
أما المؤسس الرابع هو أندري كارباثي، وقد ترك الشركة سابقاً وعمل كرئيس للذكاء الاصطناعي في تسلا، ثم عاد إليها ثانية وتركها نهائياً عام 2024 ليؤسس "مختبرات يوريكا" Eureka Labs، وهي منصة تعليمية تسعى إلى استخدام أحدث تقنيات الذكاء التوليدي في التعليم. وإن كان هدفها التعليم لكن على المستوى التقني سيبنون نماذج ذكاء اصطناعي قوية تضاهي نماذج الشركات الأخرى وربما ستكون أكثر ذكاءً ومعرفة لكونها ستتدرب على فهم المواد العلمية بدقة وشرحها مما يكسبها مهارات في جميع الميادين المعرفية قد تؤهلها لتكون رائدة في إنتاج معارف وابتكارات جديدة.
من الواضح أن المؤسسين أدركوا أنه لا يمكن تطوير ذكاء اصطناعي مفتوح غير ربحي، فالمستثمرين ينتظرون أن يجنوا أرباح استثماراتهم بعد فترة، ولا أحد مستعد أن يدفع كل هذه المبالغ الكبيرة التي يتطلبها تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي خدمة للبشرية جمعاء.
وهكذا فقد غير المؤسسون أهدافهم من بناء ذكاء مفتوح لخدمة البشرية جمعاء إلى: ذكاء تجاري كما في حالة ألتمان، أو آمن كما في حالة سوتسكيفر، أو تعليمي كما في حالة كارباثي، أو يفهم حقيقة الكون كما في حالة إيلون ماسك، ورغم تنوع أهدافهم الجديدة لكنهم جميعاً اتفقوا أن يقولوا وداعاً للذكاء الاصطناعي المفتوح.