الطائرة الشبحية كاان: أول مقاتلة تركية الصنع

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Sept. 28, 2025

kaan

في عام 2010، بدأت تركيا مشروعاً طموحاً لتطوير أول مقاتلة محلية الصنع، بهدف استبدال أسطولها المتقادم من مقاتلات إف-16 المتقادمة بمقاتلة وطنية من الجيل الخامس. و تم تكليف شركة الصناعات الجوية التركية (TAI) بالمشروع الذي يجمع بين تقنيات التخفي، والقدرة العالية على المناورة، والأنظمة الإلكترونية المتقدمة.

بعد سنوات من التطوير، نجحت الطائرة "كاان" في إتمام أول رحلة تجريبية في فبراير 2024، تلتها رحلة ثانية في مايو من العام نفسه. يؤكد هذا التقدم الفعلي للمشروع، مع توقعات بدخول الطائرة الخدمة رسمياً في القوات الجوية التركية بحلول عام 2028.

تُصنف المقاتلة "كاان" (KAAN) كطائرة من الجيل الخامس، وهي مصممة لتكون متعددة المهام وقادرة على تنفيذ عمليات جو-جو وجو-أرض بفعالية كبيرة. في نسختها الأولية، تعمل الطائرة بمحركين نفاثين من طراز GE F110، مع خطط مستقبلية لتزويدها بمحركات محلية الصنع من شركة TRMotor.

تتميز "كاان" بسرعة قصوى تتجاوز 1.8 ماخ (حوالي 2200 كم/ساعة)، ويصل سقف تحليقها التشغيلي إلى حوالي 16 كيلومتر. كما تمتلك مدى قتالي يتجاوز 1100 كم، ومدى طيران إجمالي يبلغ 2000 كم. يمكن للطائرة حمل صواريخ جو-جو متقدمة، وصواريخ جو-أرض، وقنابل ذكية، سواء داخل البدن لزيادة التخفي أو على نقاط تعليق خارجية. المقاتلة مخصصة لطيار واحد وتتميز بواجهة رقمية متكاملة، مع إمكانية التحكم الذكي في المهام.

يُعتبر مشروع "كاان" من أبرز التحولات في الصناعات الدفاعية التركية، وتبرز أهميته بعد قرار الولايات المتحدة استبعاد تركيا من برنامج المقاتلة الأمريكية "إف-35" عام 2019. جاء هذا القرار بسبب شراء أنقرة لمنظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400"، رغم أن تركيا كانت شريكاً أساسياً في البرنامج ودفعت فيه 1.4 مليار دولار. هذا الاستبعاد كان بمثابة نقطة تحول حاسمة، حيث دفع تركيا نحو تسريع تطوير "كاان" كبديل سيادي يعزز استقلالها العسكري.

أبدت عدة دول اهتماماً بالمقاتلة التركية كاان، وذلك في ظل تعثر حصولها على المقاتلة الأمريكية إف-35 بسبب قيود سياسية أو استراتيجية. فقد أشارت تقارير إلى أن إندونيسيا وقّعت اتفاقًا مبدئياً لشراء 48 طائرة من طراز كاان، بينما تُجري السعودية محادثات متقدمة لشراء نحو 100 طائرة، في صفقة قد تكون الأكبر من نوعها. كما انضمت باكستان رسمياً كشريك في تطوير المشروع، في خطوة تعكس تقاربًا دفاعياً متزايداً مع أنقرة. ومن المتوقع أيضاً أن تنضم مصر إلى البرنامج كشريك صناعي، بعد مباحثات أولية جرت خلال العام الجاري، ما يعكس اهتماماً متزايداً من دول المنطقة بالحلول الدفاعية البديلة عن المنظومات الغربية.

هذا المشروع لا يمثل فقط طموحاً تقنياً، بل هو إعلان عن توجه استراتيجي جديد نحو الاستقلال العسكري وتعزيز النفوذ في سوق الأسلحة العالمي.



مشاركة