تشترك الفرقاطة والمدمرة والبارجة في كونها سفناً حربية تمثل العمود الفقري للأساطيل العسكرية الحديثة والتقليدية، والهدف منها هو فرض السيطرة البحرية، وتأمين طرق الملاحة، وخوض القتال البحري بمختلف أشكاله، سواء ضد السفن السطحية أو الغواصات أو التهديدات الجوية.
وعلى الرغم من تشابهها في الهدف العام، إلا أنها تختلف عن بعضها البعض من حيث الحجم، والقدرات التسليحية، والمهام الموكلة إليها، والمدى العملياتي، والتكلفة التشغيلية، فضلاً عن عدد أفراد الطاقم ومستوى التكنولوجيا المزودة بها.
الفرقاطة
تُعد الفرقاطة الأصغر حجماً والأكثر مرونة بين هذه الفئات الثلاث،و تتميز بسرعتها وقدرتها العالية على المناورة. تتراوح إزاحتها عادة ما بين 3000 إلى 7000 طن، وتتمثل وظيفتها الأساسية في حماية السفن الأكبر (مثل حاملات الطائرات) والسفن التجارية، مع تخصص دقيق في مكافحة الغواصات بفضل أنظمة السونار المتطورة التي تحملها، بالإضافة إلى قدرات محدودة في الدفاع الجوي والهجوم السطحي.
تحمل الفرقاطة مزيجاً من الصواريخ الموجهة والطوربيدات ومدفعاً رئيسياً متوسط العيار، وغالباً ما تحمل طائرة مروحية واحدة أو اثنتين للمساعدة في الكشف عن الغواصات، ويتكون طاقمها عادة من 150 إلى 200 فرد تقريباً.
من أبرز الأمثلة العالمية عليها: الفرقاطة الفرنسية الإيطالية "فريم" (FREMM)، والفرقاطة الروسية "الأدميرال غورشكوف" التي تمثل الجيل الجديد من القوة البحرية الروسية المسلحة بصواريخ فرط صوتية.
المدمرة
تأتي المدمرة في المرتبة التالية من حيث الحجم والقوة، وهي أكبر وأثقل تسليحاً من الفرقاطة، وتوصف بأنها العمود الفقري للقتال البحري الحديث متعدد المهام. تتراوح إزاحتها غالباً بين 8000 إلى 12,000 طن، وتتميز بقدرتها الفائقة على البقاء في البحر لفترات طويلة والعمل بشكل مستقل أو كجزء من مجموعة قتالية لحماية حاملات الطائرات.
دورها الرئيسي هو الدفاع الجوي بعيد المدى، ومهاجمة السفن السطحية، وضرب الأهداف البرية بدقة عالية باستخدام صواريخ كروز مثل "توماهوك"، بالإضافة إلى مكافحة الغواصات. تحمل المدمرة ترسانة ضخمة من الصواريخ الموجهة (قد تصل إلى 90 خلية إطلاق عمودي أو أكثر)، ورادارات قوية جداً لتتبع مئات الأهداف وتوجيه الضربات، ويتراوح طاقمها عادة ما بين 300 إلى 350 فرداً.
من أشهر الأمثلة العالمية للمدمرات: المدمرة الأمريكية "أرلي بيرك" (Arleigh Burke) التي تعتبر الأكثر تطوراً وانتشاراً في العالم، والمدمرة البريطانية "تايب 45" (Type 45) المعروفة بقدراتها الهائلة في الدفاع الجوي.
البارجة
أما البارجة، فهي السفينة الأضخم والأكثر رعباً في التاريخ البحري القديم، وكانت تعرف بـ "سيدة البحار" بفضل دروعها الفولاذية السميكة جداً ومدافعها العملاقة التي تطلق قذائف بوزن سيارة صغيرة لمسافات بعيدة. كانت وظيفتها الرئيسية تدمير السفن المعادية في معارك مباشرة وقصف السواحل تمهيداً للإنزال البري، وكانت إزاحتها هائلة تتجاوز 45,000 إلى 60,000 طن، مع طاقم ضخم قد يتجاوز 2000 فرد.
انقرضت هذه الفئة تماماً بعد الحرب العالمية الثانية وتم إخراج آخرها من الخدمة في التسعينيات؛ والسبب في ذلك هو تطور الصواريخ الموجهة والطائرات التي بات بإمكانها تدمير هذه السفن العملاقة من مسافات بعيدة دون الحاجة لمواجهتها، مما جعل تكلفتها العالية غير مبررة أمام حاملات الطائرات والمدمرات الرشيقة.
عاد الحديث عن هذه الفئة للواجهة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية عام 2025 وتوجهات لإعادة إحياء مفهوم البوارج؛ حيث تم الإعلان عن خطط وطموحات لبناء جيل جديد من البوارج الحديثة التي ستكون -ولأول مرة في تاريخ هذه الفئة- مدعومة بالوقود النووي، لضمان البقاء غير المحدود في البحر وتوفير الطاقة الهائلة اللازمة لأسلحة الليزر والمدافع الكهرومغناطيسية المستقبلية.