الوقود الحيوي: عندما تتحول نفاياتنا ومحاصيلنا إلى طاقة

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Dec. 31, 2025

biofuel

على خلاف الوقود الأحفوري كالنفط، الذي تكوّن من بقايا كائنات دُفنت تحت الأرض قبل ملايين السنين، يُستمد الوقود الحيوي (Biofuel) من كائنات حية عاشت مؤخراً، سواء كانت نباتات أو مخلفات عضوية.

وبذلك يُعد وقوداً متجدداً لا ينفد، ويتميز بكونه محايداً للكربون مقارنة بالوقود الأحفوري؛ فالنبات يمتص ثاني أكسيد الكربون من الجو أثناء نموه، وعند حرقه كوقود يعود هذا الكربون للجو مجدداً، مما يشكل نظرياً حلقة مغلقة لا تضيف أعباءً كربونية جديدة تتسبب في الاحتباس الحراري.

تتنوع طرق تصنيعه بحسب المادة الخام المستخدمة؛ فأشهر أنواعه هو الإيثانول (بديل البنزين) الذي يُنتج عبر تخمير محاصيل سكرية كالذرة والقمح وقصب السكر -بنفس مبدأ صناعة الكحول- ثم يُقطّر ليستخدم في السيارات. وهناك الديزل الحيوي الناتج عن المعالجة الكيميائية للزيوت النباتية أو زيوت الطهي المستعملة ليشغل الشاحنات والمعدات الثقيلة. وأخيراً الغاز الحيوي المستخرج من تحلل النفايات العضوية وروث الحيوانات لإنتاج غاز الميثان المولد للكهرباء.

رغم فوائده، يصطدم هذا الوقود بتحديات أخلاقية وتقنية، أبرزها معضلة الغذاء مقابل الوقود؛ حيث يؤدي تحويل المحاصيل الزراعية إلى طاقة إلى تهديد الأمن الغذائي ورفع أسعار الطعام، ناهيك عن استهلاك كميات هائلة من المياه والمساهمة في إزالة الغابات أحياناً. وتقنياً، يعيبه انخفاض كثافة الطاقة مقارنة بالوقود التقليدي (أي يستهلك كمية أكبر لقطع نفس المسافة). لذا، يتجه العالم حالياً -كما في قطاع الطيران- نحو الوقود الحيوي المستدام المنتج من النفايات والزيوت المحروقة لتجنب استنزاف الموارد الطبيعية.

توجد تجارب عالمية ناجحة في هذا المجال؛ ففي البرازيل مثلاً، تعمل أغلب السيارات بالإيثانول المستخرج من قصب السكر، كما بدأت شركات الطيران باستخدام وقود مشتق من زيوت الطهي. ويجري العمل حالياً على تقنيات متطورة تعتمد على الطحالب التي تنمو في المياه غير العذبة والنفايات، لإنتاج وقود وفير وقليل التكلفة، دون الإضرار بالبيئة أو الغذاء.



مشاركة