كيف تختفي الطائرة الشبحية بي-2 عن الرادارات رغم ضخامتها وضخامة قنابلها؟

بقلم:   تامر كرم           |  June 28, 2025

b2

تُعدّ القاذفة الشبحية بي-2 سبيريت (B-2 Spirit) من أكثر الطائرات تطوراً وقدرة على التخفي عن الرادارات في العالم، وقد شاركت في العديد من العمليات العسكرية، بما في ذلك قصف منشآت إيران النووية. ورغم حجمها الهائل وضخامة القنابل التي تحملها، إلا أن سر قدرتها على الاختفاء يكمن في مزيج فريد من التصميم الهندسي المبتكر، والمواد المتطورة، والعناية المستمرة.

ويمكن القول أن هناك 4 أسباب رئيسيةتجعل بصمتها الرادارية منخفضة:

1- التصميم: يُعتبر الشكل الانسيابي للطائرة، الذي يشبه الجناح الطائر، حجر الزاوية في قدرتها على التخفي. صُمم هذا الشكل بدقة متناهية لتقليل البصمة الرادارية، حيث تعمل الزوايا والانحناءات الدقيقة في هيكلها على تشتيت موجات الرادار بدلاً من عكسها مباشرة نحو مصدر الإرسال. هذا يضمن أن معظم الموجات تنزلق على سطح الطائرة وتتشتت في اتجاهات مختلفة، مما يجعل اكتشافها أكثر صعوبة بكثير. الهدف ليس الاختفاء تماماً، بل تقليل الإشارة المنعكسة إلى درجة تجعلها غير قابلة للاكتشاف من قبل معظم الرادارات التقليدية أو تظهر كهدف صغير جدًا وغير مهم.

2- المواد الماصة للرادار (RAM): يُغطى سطح الطائرة بالكامل بطبقة متطورة من المواد الماصة لموجات الرادار (RAM - Radar Absorbent Material). تعمل هذه المواد على امتصاص الطاقة الكهرومغناطيسية لموجات الرادار وتحويلها إلى حرارة بدلاً من عكسها. تختلف فعالية هذه المواد بناءً على تردد الموجات وزاوية سقوطها، ولكنها يمكن أن تمتص في بعض الحالات ما يصل إلى 90% من الطاقة الرادارية، ولكن ليس دائماً. هذا الامتصاص يقلل بشكل كبير من كمية الموجات التي تعود إلى جهاز الإرسال، مما يساهم بشكل فعال في تقليل البصمة الرادارية للطائرة.

3- إخفاء المحركات والحمولة وتقليل البصمة الحرارية: تُدفن محركات الطائرة وحمولتها داخل الهيكل، وتُصمم مآخذ الهواء ومخارج العادم بطريقة خاصة لتقليل البصمة الحرارية والرادارية. هذا التصميم يقلل من فرصة رصد الطائرة بواسطة أنظمة التتبع بالأشعة تحت الحمراء التي ترصد الحرارة المنبعثة من المحركات، بالإضافة إلى تقليل الانعكاسات الرادارية الناتجة عن أجزاء المحرك المكشوفة.

4- الصيانة الدورية في حظائر خاصة: للحفاظ على فعالية طلاء التخفي والمواد الماصة للرادار، تُخزن الطائرة بي-2 في حظائر خاصة ذات بيئة محكمة. هذه المواد حساسة للرطوبة والعوامل الجوية الأخرى، وتتطلب صيانة مستمرة ودورية للحفاظ على أدائها الأمثل. أي تلف في هذه الطبقة يمكن أن يزيد بشكل كبير من البصمة الرادارية للطائرة ويقلل من قدرتها على التخفي.

على الرغم من التقنيات المتقدمة المستخدمة في الطائرة بي-2، إلا أن أنظمة الرادار الحديثة والمتطورة قد تكون قادرة على رصدها، وإن كان ذلك بصعوبة بالغة. فالهدف من التخفي هو تقليل فرص الاكتشاف والاشتباك إلى أقصى حد ممكن، وليس جعل الطائرة غير مرئية تماماً.

وتبقى الطائرة بي-2 تحدياً كبيراً لأنظمة الدفاع الجوي المعاصرة، ولكن التطور المستمر في تكنولوجيا الرادارات والرصد يعني أن الحفاظ على التفوق في مجال التخفي يتطلب بحثاً وتطويراً مستمرين.



مشاركة