ما الفرق بين الجيل الرابع (4G) والجيل الخامس (5G)؟

بقلم:   تامر كرم           |  June 4, 2025

g5

يمثل الانتقال من الجيل الرابع (4G) إلى الجيل الخامس (5G) قفزة نوعية في عالم الاتصالات اللاسلكية، ويمكن تشبيهه بالانتقال من استخدام طريق عادي إلى طريق فائق السرعة. يتجلى هذا التطور بشكل أساسي في سرعة الإنترنت التي يقدمها الجيل الخامس، والتي قد تصل إلى عشرة أضعاف سرعة الجيل الرابع.

فبينما توفر شبكات الجيل الرابع عادةً سرعات تنزيل تتراوح بين 20 و100 ميجابت في الثانية، وقد تصل في الظروف المثالية إلى 1 جيجابت في الثانية، فإن الجيل الخامس يتفوق على ذلك بوضوح، بسرعات تبدأ من 100 ميجابت و قد تبلغ نظرياً 10 جيجابت في الثانية. هذا يعني أن مهام مثل تنزيل الملفات الضخمة، أو بث مقاطع الفيديو عالية الدقة، أو ممارسة الألعاب عبر الإنترنت، ستصبح أسرع وأكثر سلاسة بشكل ملحوظ على الهواتف والأجهزة المزودة بتقنية الجيل الخامس، مع الأخذ في الاعتبار أن السرعات الفعلية التي يحصل عليها المستخدم قد تختلف لأسباب تشغيلية وتقنية.

ولا يقتصر الأمر على سرعة نقل البيانات فحسب، بل يشمل أيضاً سرعة استجابة الشبكة، أو ما يُعرف بزمن الوصول (latency). يُعرف زمن الوصول بأنه المدة الزمنية الفاصلة بين إرسالك لطلب البيانات وبدء تسليمها إليك. يبلغ زمن وصول شبكات الجيل الرابع عادةً حوالي 50 مللي ثانية، وهو زمن كافٍ لمعظم التطبيقات والاستخدامات اليومية، ولكنه قد يسبب تأخيرات طفيفة في السيناريوهات التي تتطلب تفاعلاً فورياً ودقيقاً للغاية، مثل الألعاب الإلكترونية التنافسية، أو أنظمة قيادة السيارات ذاتية التحكم، أو حتى الجراحة عن بعد. يقلل الجيل الخامس زمن الوصول بشكل كبير ليصبح ميلي ثانية واحدة فقط، مما يجعل تطبيقات الوقت الفعلي هذه تعمل بسلاسة تامة ودون أي تأخير يُذكر، وهو ما يُعد إنجازاً تقنياً مهماً يفتح آفاقاً في التواصل.

كما يُعد ازدحام الشبكة مجالاً آخر تُظهر فيه تقنية الجيل الخامس مزايا واضحة ومتفوقة. ففي الأماكن المكتظة بالناس، مثل الملاعب الرياضية، أو الحفلات الموسيقية، أو المراكز الحضرية المزدحمة، غالباً ما تواجه شبكات الجيل الرابع صعوبات كبيرة بسبب تنافس عدد هائل من الأجهزة على نطاق ترددي محدود. هذا الازدحام قد يؤدي إلى تباطؤ السرعات بشكل ملحوظ، أو حتى انقطاع الاتصالات بشكل متكرر. أما تقنية الجيل الخامس، وبحكم تصميمها وهيكليتها المتقدمة، فهي قادرة على دعم عدد أكبر بكثير من الأجهزة المتصلة داخل المنطقة ذاتها دون المساس بمستوى الأداء أو جودة الخدمة. تحقق الشبكة ذلك من خلال استخدام نطاق أوسع من الترددات، بالإضافة إلى توظيف تقنيات أكثر تطوراً وذكاءً لتخصيص موارد الشبكة بكفاءة أكبر بكثير.

ولهذا فالانتقال إلى تقنية الجيل الخامس يفرض تغييرات جوهرية في البنية التحتية للشبكة؛ فعلى عكس تقنية الجيل الرابع التي تعتمد بشكل أساسي على أبراج خلوية كبيرة ومتباعدة، تتطلب تقنية الجيل الخامس شبكة أكثر كثافة من الأبراج الأصغر حجماً أو ما يسمى "الخلايا الصغيرة" المنتشرة بكثافة. وبالتالي، يتطلب توسيع نطاق تغطية الجيل الخامس على نطاق واسع بناء بنية تحتية جديدة بالكامل، بالإضافة إلى تحديث وتطوير الأبراج الحالية لدعم هذه التقنيات المتقدمة.

وهكذا، يقدم الجيل الخامس تحسينات كبيرة وواضحة مقارنة بالجيل الرابع من حيث السرعة الفائقة، والاستجابة الفورية، والقدرة على الحفاظ على اتصالات قوية ومستقرة حتى في المناطق المكتظة بالسكان. ولكن تحقيق إمكاناته الكاملة والاستفادة القصوى من هذه التحسينات يعتمد بشكل كبير على تحديثات واسعة النطاق للبنية التحتية، فبدون بنية تحتية مناسبة وكثيفة، قد لا يلاحظ المستخدمون فرقاً كبيراً جداً في السرعة أو الأداء بشكل عام.



مشاركة