تايوان تطور جهاز يولد الكهرباء من الاهتزازات باستخدام مواد انضغاطية

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Oct. 10, 2025

vib-2-power

الاهتزازات تملأ الكون، فالمشي يرسل اهتزازات عبر الأرض، والجسور تهتز عند مرور السيارات عليها، والأرض تهتز عند مرور مترو الأنفاق. هذه الاهتزازات الحركية لا يستفاد منها عادة، لكن هناك أبحاث عديدة تسعى لبناء أجهزة تسمى "حاصدات الطاقة الكهروضغطية" تنتج الكهرباء من خلال هذه الاهتزازات.

طور باحثون في جامعة تايوان الوطنية جهاز جديد يحول الاهتزازات إلى كهرباء بكفاءة أعلى من سابقيه، بفضل آلية الضبط الذاتي التي تتيح له التجاوب بشكل أفضل مع الاهتزازات وإنتاج كمية طاقة أكبر.

يختلف هذا الجهاز بقدرته على التكيف بنفسه. يشبه التصميم الأكثر شيوعا لحاصدات الطاقة غشاء رفيع يهتز من مادة خاصة تولد الكهرباء عند الضغط عليها. ورغم بساطة هذا التصميم، فإنه ليس فعال تماما، إذ تعمل هذه التصاميم بشكل جيد فقط عند ترددات اهتزازية محددة جدا - مثل جهاز راديو لا يمكن ضبطه إلا على محطة واحدة - ولأن معظم الضغط يتركز في طرف واحد، فإن جزء كبير من المادة لا يصل أبدا إلى أقصى إمكاناته.

يعتمد الجهاز الجديد على غشاء مرن مصنوع من مادة PVDF، وهي مادة قادرة على توليد الكهرباء عند تعرضها للاهتزاز أو الضغط، فيما يعرف بتقنية الكهرباء الانضغاطية (piezoelectricity). يتم شد الغشاء بشكل متساو، مما يسمح لكل نقطة على سطحه بالمساهمة في إنتاج الطاقة عند حدوث أي اهتزاز.

على عكس التصاميم التقليدية التي تعمل بكفاءة فقط عندما تهتز البيئة المحيطة بسرعة معينة (أي عند تردد محدد)، يتميز هذا التصميم الجديد بآلية ذكية لضبط التردد تلقائيا. فهو يحتوي على كتلة صغيرة قابلة للانزلاق داخل الجهاز، تتحرك من تلقاء نفسها بفعل قوى القصور الذاتي والجاذبية.

عندما تكون الاهتزازات قوية أو بطيئة، تنزلق الكتلة نحو الخارج، مما يجعل الجهاز يهتز بشكل أبطأ — أي أن تردده الطبيعي ينخفض. أما عندما تهدأ الاهتزازات أو تصبح أسرع، تعود الكتلة إلى الداخل، فيصبح الجهاز أخف ويهتز بسرعة أكبر — أي أن تردده الطبيعي يرتفع. يمكن تخيل الأمر كأرجوحة: إذا كانت ثقيلة، تتحرك ببطء (تردد منخفض)، وإذا كانت خفيفة، تتحرك بسرعة (تردد مرتفع).

بهذه الطريقة، يضبط الجهاز نفسه تلقائيا ليتماشى مع سرعة الاهتزازات المحيطة، دون الحاجة إلى تدخل خارجي أو ضبط يدوي. وهذا يضمن أنه يبقى دائما في حالة توافق مثالية مع البيئة، مما يزيد من كفاءة توليد الكهرباء في ظروف متغيرة.

في الاختبارات المعملية، أثبت الجهاز قدرته على توليد طاقة كهربائية تعادل ضعف ما تنتجه النماذج التقليدية، كما بلغ الجهد الناتج في إحدى التجارب حوالي 29 فولت، وهو رقم لافت بالنظر إلى حجم الجهاز الصغير الذي يمكن أن يحمل في راحة اليد. كما أظهر الجهاز قدرة على العمل ضمن نطاق واسع من الترددات، مما يجعله مناسب لبيئات الاهتزاز المتغيرة مثل المدن.

هذا الابتكار يعد خطوة مهمة نحو تطوير تقنيات الطاقة المستدامة، خاصة في تطبيقات المدن الذكية، حيث يمكن استخدامه لتغذية المستشعرات اللاسلكية أو الأجهزة الإلكترونية الصغيرة دون الحاجة إلى بطاريات أو مصادر طاقة خارجية.



مشاركة