في تجربة محاكاة رقمية مثيرة، اقترحت شركة "ماراثون فيوجن" الناشئة في كاليفورنيا طريقة جديدة لتحويل الزئبق إلى ذهب داخل مفاعل اندماج نووي. الفكرة تقوم على استخدام النيوترونات الناتجة عن تفاعل الاندماج لقصف نظير الزئبق-198، مما يؤدي إلى تحويله إلى الزئبق-197 غير المستقر، والذي يتحلل تلقائياً إلى الذهب-197، وهو الشكل المستقر الوحيد للذهب.
في مفاعل الإندماج النووي توكاماك، وعند اندماج نوى الذرات داخل البلازما الساخنة من نوع ديتيريوم-تريتيوم، تنبعث نيوترونات عالية الطاقة، قادرة على اختراق المواد المحيطة والتفاعل مع نوى الذرات. لهذا اقترحت شركة ماراثون فيوجن دمج الزئبق في طبقة تُحيط بغرفة البلازما داخل المفاعل، تُعرف باسم "غطاء التوليد"، والتي عادةً ما تكون مصنوعة من الليثيوم.
في هذا التصميم الجديد، يتم استخدام سبيكة من الزئبق والليثيوم لامتصاص النيوترونات، التي تقصف نظير الزئبق-198، فيتم تحويله إلى الزئبق-197، الذي يتحلل خلال ساعات إلى الذهب-197. هذه العملية تُعرف باسم "التحلل الإشعاعي"، وهي تحول تلقائي في نواة الذرة نتيجة عدم استقرارها.
لم تقم الشركة بأي تجربة عملية، بل قامت بمحاكاة رقمية، وأظهرت النتائج أن مفاعل اندماج واحد يمكنه إنتاج نحو 2 طن من الذهب سنوياً لكل جيجاواط من الطاقة الحرارية، دون التأثير على إنتاج الطاقة النظيفة. لكن الذهب الناتج سيكون مشعاً في البداية، ويحتاج إلى فترة احتفاظ تصل إلى نحو 17 عاماً حتى يصبح آمناً للاستخدام، وفقاً للمعايير الإشعاعية.
رغم أن الفكرة واعدة، إلا أن تطبيقها العملي يواجه تحديات كبيرة، منها الحاجة إلى تدفق نيوتروني كثيف، وتوفير الزئبق المُخصب، والتعامل مع النفايات المشعة الناتجة.
وبما أن معظم الذهب المستخدم اليوم يُحتفظ به كاحتياطي طويل الأمد، فإن تخزين الذهب الناتج لمدة تصل إلى 17 عاماً لا يُعد عائقاً، بل ينسجم مع طبيعة استخدامه السائدة، دون أن يؤثر على قيمته أو دوره الاقتصادي.
هذه التقنية إن نجحت قد تُحدث ثورة في مجال الطاقة والموارد، من خلال الجمع بين إنتاج الذهب والطاقة النظيفة، وتقليل الحاجة إلى التعدين التقليدي الذي يضر بالبيئة.