تُعد الطاقة الشمسية إحدى أهم المصادر المتجددة، لكن العائق الأكبر أمام استخدامها يكمن في عمليات التخزين والنقل المعقدة والمكلفة. لهذا طور فريق من الباحثين في جامعة تيانجين للتكنولوجيا في الصين نظاماً جديداً يتجاوز الحلول التقليدية المعتمدة على الألواح الشمسية والبطاريات الكهربائية، حيث تتيح التقنية الجديدة تخزين الطاقة الشمسية مباشرة داخل وسط كيميائي سائل، ليتم تحويلها لاحقاً إلى وقود هيدروجيني عند الحاجة.
تتميز هذه المنظومة عن غيرها بأنها لا تتطلب بنية تحتية كهربائية أو أسلاكاً، وتعمل في درجات الحرارة والضغط العادية، مما يلغي الحاجة لتقنيات التبريد العميق أو الضغط العالي المستخدمة عادةً في نقل الهيدروجين، ويفصل تماماً بين مرحلة تجميع الطاقة ومرحلة استهلاكها.
يعتمد تكوين هذه "البطارية الشمسية السائلة" على دمج مواد متاحة تجارياً وغير مكلفة داخل وعاء تفاعل واحد يحتوي على الماء كمذيب أساسي. يتكون الخليط من مركبين رئيسيين؛ الأول هو "نتريد الكربون الجرافيتي"، وهو مسحوق أصفر يعمل كمحفز ضوئي لامتصاص الأشعة، والثاني هو "ميتاتنجستات الأمونيوم"، وهو ملح يذوب في الماء ليشكل عناقيد من ذرات التنجستن والأكسجين تعمل كوسيط لتخزين الإلكترونات. ولضمان فعالية التفاعل، يضاف الميثانول كعامل كيميائي مساعد، ويتم ضبط الوسط ليكون حمضياً.
في هذه البيئة الحمضية، تكتسب أسطح نتريد الكربون شحنة موجبة، بينما تحمل عناقيد التنجستن الذائبة شحنة سالبة، مما يخلق تجاذباً كهروستاتيكياً قوياً يجعلهما يلتصقان ببعضهما البعض ويشكلان بنية مهجنة جاهزة لنقل الشحنات.
تبدأ مرحلة شحن النظام كيميائياً بمجرد تعرض المحلول لضوء الشمس، حيث تمتص مادة نتريد الكربون الفوتونات الضوئية، مما يؤدي إلى إثارة إلكتروناتها وانتقالها لمستويات طاقة أعلى. ولتجنب فقدان هذه الطاقة عبر عودة الإلكترونات لمواضعها، يتدخل الميثانول لملء الفجوات الموجبة المتكونة، مما يجبر الإلكترونات المثارة على الانتقال فوراً إلى عناقيد التنجستن الملتصقة بالمحفز. تستقبل ذرات التنجستن هذه الإلكترونات وتخزنها، مما يؤدي إلى حدوث تفاعل اختزال يغير حالة تكافؤ التنجستن من السداسي إلى الخماسي. يُستدل على نجاح عملية الشحن وتخزين الطاقة كيميائياً بتغير لون المحلول تدريجياً من الأصفر الشاحب إلى الأزرق الداكن، وهو اللون المميز لمركبات التنجستن المختزلة والمشبعة بالإلكترونات.
أما مرحلة التفريغ واستعادة الطاقة، فتتم بمعزل تام عن الضوء، وتعتمد على تحفيز كيميائي مدروس. لإطلاق الطاقة المخزنة، يتم إضافة محفز صلب يتكون من جسيمات البلاتين الدقيقة المحمولة على الكربون إلى المحلول الأزرق. يعمل البلاتين كسطح نشط تنتقل إليه الإلكترونات من عناقيد التنجستن، لتتحد فوراً مع أيونات الهيدروجين (البروتونات) المنتشرة في الوسط الحمضي. ينتج عن هذا التفاعل تصاعد غاز الهيدروجين كوقود نظيف، وبالتزامن مع خروج الإلكترونات، تتأكسد ذرات التنجستن لتعود إلى حالتها الأصلية، ويختفي اللون الأزرق ليعود السائل إلى لونه الأصفر، مما يعني أن النظام قد أفرغ شحنته وأصبح جاهزاً لدورة شمسية جديدة.
أثبتت الاختبارات المخبرية كفاءة استثنائية لهذا النظام؛ فبعد ساعة واحدة من التعرض للضوء، أنتج النظام 13.5 ميكرومول من الهيدروجين في الظلام. وسجل النظام في ذروته معدل إنتاج للهيدروجين بلغ 3220 ميكرومول لكل غرام في الساعة، وهو المعدل الأعلى المسجل عالمياً لأنظمة التحفيز الضوئي التي تعمل في الظلام.
رغم هذه النتائج الواعدة، لا يزال الطريق نحو التبني التجاري الواسع يتطلب إجراء اختبارات طويلة الأمد للتأكد من استقرار الإلكترونات المخزنة لأسابيع أو شهور بدلاً من ساعات، لضمان جدوى نقل السائل المشحون لمسافات بعيدة.
تتركز البحوث المستقبلية حالياً على تطوير الكفاءة والاستقرار لتحويل هذا الابتكار من إنجاز مخبري إلى تقنية وقود سائل عملية قابلة للتطبيق الصناعي.
نُشرت الدراسة في مجلة Advanced Materials.