مع اقتراب نهاية التزام روسيا تجاه محطة الفضاء الدولية (ISS) بحلول عام 2028، كشفت شركة "إينيرجيا" (RSC Energia) الروسية عن براءة اختراع لمحطة فضائية ذات تصميم مبتكر، وهي عبارة عن آلة ضخمة دوارة تهدف إلى توليد جاذبية اصطناعية بداخلها.
فالجاذبية هي القوة الخفية التي تحافظ على وظائفنا الحيوية؛ وبدونها، تعاني عضلات رواد الفضاء من الضمور وتفقد عظامهم كثافتها، مما يضطرهم حالياً لممارسة الرياضة لساعات يومياً في محطة الفضاء الدولية. ويهدف التصميم الروسي إلى استبدال هذا الحل المؤقت بآخر دائم: توفير جاذبية اصطناعية مستمرة بمقدار 0.5g (نصف جاذبية الأرض).
لفهم التصميم، تخيل مروحة عملاقة أو عجلة دراجة بدون إطار خارجي، تدور في الفراغ:
- المحور المركزي (The Hub): هو قلب المحطة. ينقسم هندسياً إلى قسمين: جزء ثابت (Stator) وجزء دوار (Rotor). يعمل الجزء الثابت كمنصة لرسو المركبات الفضائية، مما يحل معضلة الالتحام الخطرة؛ حيث تلتحم السفن بنقطة مركزية "منعدمة الجاذبية" وشبه ثابتة، ثم ينتقل الرواد إلى الأجزاء الدوارة، بدلاً من محاولة اللحاق بجسم يدور حول نفسه بسرعة عالية.
- الأذرع الشعاعية (Radial Modules): تمتد الوحدات السكنية بعيداً عن المركز لمسافة تصل إلى 40 متراً. وتتصل هذه الوحدات بالمحور عبر وصلات مرنة قابلة للتمدد (Flexible junctions)، مما يسمح بإطلاق المحطة وهي "مطوية" بشكل مدمج على متن الصواريخ، لتتمدد وتنتشر لاحقاً عند وصولها إلى المدار.
- آلية الدوران: تدور المحطة حول محورها بسرعة 5 دورات في الدقيقة. ووفقاً لقوانين الفيزياء، يولد هذا الدوران "قوة طرد مركزي" تدفع الرواد بعيداً عن المركز؛ فتصبح الجدران الخارجية للوحدات هي الأرضية التي يمشي عليها الرواد، ويضغطهم الدوران نحو الأسفل (أي للخارج)، مما يمنحهم شعوراً بالوزن يماثل نصف وزنهم الحقيقي على الأرض.
وعلى الرغم من التعقيدات الهندسية التي تتطلب أسطولاً من عمليات الإطلاق والتجميع الدقيق في المدار، فإن براءة الاختراع هذه تعد خطوة أولى في رؤية روسيا الطموحة لترسيخ استقلالها في مجال الفضاء، وتمهيد الطريق لبنية تحتية فضائية أكثر تطوراً مستفيدةً من تجارب الماضي.