روسيا تبني أول مفاعل نووي مغلق يعيد تدوير 95% من الوقود المستهلك

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Oct. 2, 2025

russia-nu-recycle

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال المنتدى الذري العالمي في موسكو وبحضور المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن خطة لبناء أول نظام طاقة نووية مغلق الدورة في العالم. المشروع سيُنفذ في منطقة تومسك السيبيرية، ويُتوقع أن يكتمل بحلول عام 2030، ليشكل نقلة نوعية في إدارة الوقود النووي المستهلك.

هذا النظام الجديد سيتيح إعادة استخدام نحو 95٪ من الوقود النووي المستهلك، فبدلاً من أن يتحول إلى نفايات نووية تُبحث لها عن طرق معقدة للتخزين، سيتم معالجته واستخراج اليورانيوم والبلوتونيوم منه لإعادة استخدامهما كوقود نووي من جديد. وهذا من شأنه أن يساهم في حل مشكلتين جوهريتين: الحد من تراكم النفايات المشعة، وضمان تدفق مستقر لليورانيوم في العقود المقبلة.

وقد ركز بوتين على أهمية هذا النظام لاستدامة الطاقة النووية، مشيراً إلى أن الطاقة النووية العالمية مرشحة للنمو بشكل كبير، وقد تتضاعف أكثر من مرتين ونصف لتصل إلى نحو ألف جيجاواط بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين. هذا النمو الهائل في الطلب سيؤدي إلى ضغط متزايد على موارد اليورانيوم، وقد يسرّع من نضوبها في المستقبل القريب، ما يفرض تحدياً وجودياً على استدامة الطاقة النووية.

وتشير التقديرات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن موارد اليورانيوم القابلة للاستخراج قد تُستنفد بالكامل بحلول عام 2090 في أفضل السيناريوهات، لكن بعض الخبراء يحذرون من أن هذا النضوب قد يحدث فعلياً في ستينيات القرن الحالي، ما يجعل الحاجة إلى حلول مثل إعادة التدوير أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

في هذا السياق، تبرز أهمية النظام الروسي الجديد، الذي يهدف إلى تحقيق "الاستدامة النووية"، حيث يُعاد استخدام الوقود بشكل دائري، مما يقلل من كمية النفايات المشعة طويلة العمر، ويحد من الحاجة إلى تعدين اليورانيوم، ويعزز أمن الطاقة واستقلالها.

تمتلك روسيا حالياً 36 مفاعلًا نووياً عاملًا بسعة إجمالية تبلغ 27 جيجاواط، إضافة إلى سبعة مفاعلات قيد الإنشاء بطاقة تقارب 4.9 جيجاواط. ورغم أن الولايات المتحدة تتصدر قائمة الدول المنتجة للطاقة النووية بسعة 97 جيجاواط، تليها فرنسا والصين، فإن روسيا تحتل المركز الرابع عالمياً، وتليها كوريا الجنوبية في المرتبة الخامسة.

هذا المشروع الروسي لا يمثل مجرد إنجاز تقني، بل هو إعلان عن دخول موسكو مرحلة جديدة من الابتكار النووي، في وقت تتزايد فيه الحاجة العالمية إلى مصادر طاقة نظيفة وآمنة ومستدامة.



مشاركة