مخترع الويب بيرنرز-لي يأسف لما وصل إليه ابتكاره

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Oct. 5, 2025

web-tim

في عام 1989، وضع تيم بيرنرز-لي الأسس التقنية لشبكة الويب العالمية، حين اقترح نظاماً جديداً يربط المعلومات عبر الإنترنت باستخدام روابط تشعبية. وبعد عامين، أطلق أول موقع إلكتروني في التاريخ، مستخدماً لغة HTML لكتابة المحتوى، ومتصفحاً خاصاً لعرضه، إلى جانب بروتوكول HTTP لنقل البيانات، ونظام URL لتحديد العناوين الفريدة لكل صفحة. هذه الأدوات مجتمعة شكّلت البنية التحتية للويب، وقد قرر بيرنرز-لي إتاحتها مجاناً دون أي رسوم ملكية، إيماناً منه بأن الإنترنت يجب أن يكون متاحاً للجميع، وأن حرية الوصول إليه هي شرط أساسي لانتشاره وتطوره.

كان هدفه أن يُصبح الويب منصة عالمية تُحفّز الإبداع والتعاون، لا أن يُقيَّد خلف جدران الدفع أو الاحتكار. وقد صرّح لاحقاً أن لو بقيت هذه التقنية تحت سيطرته الكاملة، لما انتشرت عالمياً بنفس السرعة والاتساع. لكنه

اليوم، وبعد أكثر من ثلاثة عقود، يُعيد النظر في هذا القرار. ففي مقال نشرته صحيفة The Guardian بتاريخ 28 سبتمبر 2025، عبّر بيرنرز-لي عن أسفه لما آل إليه حال الإنترنت، قائلاً: "أنظر إلى اختراعي وأُجبر على التساؤل: هل لا تزال شبكة الإنترنت مجانية اليوم؟ لا، ليس كلها."

هذا الأسف ليس بسبب جعله الويب مجاني، بل من الطريقة التي استغلت بها الشركات الكبرى البنية المفتوحة للويب لبناء منصات مغلقة تُسيطر على بيانات المستخدمين وتُقيّد حريتهم الرقمية. فقد تحوّل المستخدم من كونه عميلًا إلى منتج، تُجمع بياناته وتُباع للوسطاء والحكومات، مما يفتح الباب أمام المراقبة والقمع. ويُحمّل بيرنرز-لي الخوارزميات، خصوصاً تلك المستخدمة في وسائل التواصل الاجتماعي، مسؤولية الإضرار بالعقول، لا سيما عقول الشباب، عبر التلاعب بالمحتوى وتغذية الإدمان الرقمي.

ورغم هذه الانتقادات، لا يزال بيرنرز-لي متمسكًا برؤيته الأصلية، ويسعى إلى تصحيح المسار من خلال مشروعه Solid، الذي يهدف إلى إعادة ملكية البيانات إلى الأفراد، وتمكينهم من التحكم الكامل في معلوماتهم الشخصية. إنه يرى أن مستقبل الإنترنت والذكاء الاصطناعي يجب أن يُبنى على احترام الخصوصية والشفافية، لا على استغلال المستخدمين لتحقيق الأرباح.



مشاركة