ناسا تختبر أول قمر صناعي يقرر ذاتياً باستخدام الذكاء الاصطناعي

بقلم:   جاد طرابيشي           |  July 28, 2025

nasa-sat-ai

أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" عن نجاح أول اختبار لقمر صناعي يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي، يتمتع بقدرة على تحليل المشهد واتخاذ قرارات ذاتية دون أي تدخل بشري. هذا الإنجاز، الذي تم في يوليو/تموز الماضي، يشير إلى بداية عصر جديد تكون فيه الأقمار الصناعية قادرة على "التفكير"، مما يحسن كفاءة جمع البيانات ويقلل من هدر الوقت ومساحة التخزين.

التقنية المستخدمة تُعرف باسم "الاستهداف الديناميكي"، وهي ثمرة أكثر من عشر سنوات من البحث داخل مختبر الدفع النفاث التابع لناسا. تسمح هذه التقنية للقمر الصناعي بالتقاط صور على مسافة تصل إلى 500 كيلومتر أمامه باستخدام مستشعر بصري. يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل المشهد؛ فإذا رصد سحباً كثيفة تعيق الرؤية الأرضية، فإنه يتجنب التصوير ويوفر طاقته لالتقاط صور أكثر فائدة لاحقاً، أو يعيد توجيه مستشعراته للحصول على صور عالية الجودة.

القمر الذي تم اختباره يُدعى CogniSAT-6، وهو قمر صغير الحجم أُطلق إلى الفضاء في مارس 2024 من قبل شركة Open Cosmos، وزُوّد بمعالج ذكاء اصطناعي من شركة Ubotica. يمتلك القمر كاميرا تلتقط الضوء المرئي والأشعة تحت الحمراء، ويقوم بإمالتها للأمام بزاوية تصل إلى 50 درجة للحصول على نظرة استشرافية. تُحلل الخوارزميات البيانات لتحديد وجود السحب أو الأهداف المهمة، ويحدد الذكاء الاصطناعي المسار الأمثل للمستشعر وفقاً لذلك. بعدها يميل القمر للخلف نحو الأرض مباشرة ويبدأ التصوير وفق الخطة الجديدة.

رغم أن المرحلة الحالية من المشروع تركز فقط على تجنب السحب، إلا أن ناسا تسعى في المستقبل إلى تدريب القمر الصناعي على التعرف الذاتي على ظواهر مثل حرائق الغابات والانفجارات البركانية، ومن ثم إعطائها أولوية التصوير بشكل فوري دون انتظار توجيهات أرضية. يقارن الخبراء هذا النهج بتفاعل الإنسان مع البيانات، حيث لا يكتفي برؤية صورة، بل يفهم مضمونها ويتخذ قراراً بناءً على ذلك. الهدف النهائي هو أن يتعامل القمر مع صورة لحريق على أنها حدث يجب التركيز عليه، لا مجرد بكسلات ملونة.

أثبت هذا النظام قدرة الذكاء الاصطناعي على رفع جودة الرصد الفضائي وتقليل الصور غير المفيدة. وأشار الباحث بن سميث من ناسا إلى أن هذه التقنية ستساعد العلماء في الحصول على بيانات أكثر قابلية للاستخدام، بدلًا من الاعتماد على كميات ضخمة من الصور غير الصالحة بسبب عوامل بيئية مثل الغيوم.

بهذه الخطوة، تكون ناسا قد فتحت باباً نحو تطوير أقمار صناعية "مفكرة"، تتفاعل مع المشهد الفضائي بمرونة وذكاء، وتمهد الطريق لاستخدامات أوسع. فالذكاء الاصطناعي لم يعد حكراً على الأرض، بل بدأ يشق طريقه نحو المدار.



مشاركة