في خطوة تعكس تسارع وتيرة التسلح بالمُسيرات منخفضة التكلفة، كشفت تقارير عسكرية عن إجراء الصين اختبارات طيران ناجحة لمسيرتها الانتحارية الجديدة Loong M9 من إنتاج شركة LoongUAV. وأظهرت الصور والبيانات الأولية أن الطائرة تعتمد بشكل شبه كلي على التصميم الانسيابي لمسيرة شاهد-136 الإيرانية الشهيرة، مما يؤكد تبني بكين لمفهوم "الكمية تتغلب على النوعية" في حروب المستقبل، مع توظيف قدراتها الصناعية الهائلة لإنتاج نسخ أكثر دقة وموثوقية.
تقدم Loong M9 حزمة مواصفات تضعها في مصاف الأسلحة الاستراتيجية التكتيكية؛ فهي مصممة لضرب أهداف في العمق بمدى عملياتي يصل إلى 1620 كيلومتراً، مع قدرة تحليق وتجوال ممتدة تتيح لها البحث عن الهدف قبل الانقضاض عليه.
يبلغ وزن الطائرة عند الإقلاع حوالي 200 كيلوجرام، وتحمل رأساً حربياً شديد الانفجار بوزن 50 كيلوجراماً، وهو وزن كافٍ لتدمير الرادارات والمدرعات والبنية التحتية الحيوية. كما تعتمد المسيرة على محرك مكبسي خلفي يوفر سرعة تحليق تبلغ 190 كم/ساعة وسرعة انقضاض قصوى تصل إلى 223 كم/ساعة، مع بصمة حرارية وصوتية منخفضة نسبياً تجعل اكتشافها تحدياً للدفاعات التقليدية.
لا تخطئ العين الخبيرة الشبه الهندسي الصارخ بين Loong M9 وعائلة مسيرات شاهد-136 الإيرانية ونظيرتها الروسية جيران-2 (Geran-2)؛ حيث تشترك جميعها في تصميم الجناح المثلث (Delta Wing) ونظام الدفع الخلفي وطريقة الإطلاق. لكن الفارق الجوهري يكمن في الإلكترونيات؛ إذ تتفوق النسخة الصينية في أنظمة الملاحة والتوجيه، حيث يُعتقد أنها دمجت نظام GPS مع نظام "بيدو" (BeiDou) الصيني، بالإضافة إلى مستشعرات بصرية لتحسين دقة الإصابة في المرحلة النهائية، مما يعالج مشكلة الدقة المحدودة التي عانت منها النسخ الأولى من شاهد.
يأتي هذا الكشف تزامناً مع نشر الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أول وحدة عسكرية متخصصة لتشغيل مسيرات "LUCAS" (المستنسخة أيضاً من شاهد)، في تحول استراتيجي عن الاعتماد الحصري على المسيرات المعقدة والباهظة مثل ريبر، ومحاولة للحاق بسباق التسلح الرخيص.
وهكذا فإن Loong M9 ليست مجرد سلاح جديد، بل هي مؤشر لسعي الصين على امتلاك القدرة على إغراق ساحات القتال بآلاف النسخ المتطورة بتكلفة زهيدة لا تقارن بصواريخ الاعتراض الغربية.