تخيّل أن تدخل عيادة طبيب الأسنان، لا لوضع سن اصطناعي أو تركيب فك معدني، بل للحصول على حقنة واحدة في مكان السن المفقود. بعدها، كل ما عليك هو الانتظار. لأن جسدك سيبدأ في إنبات سن جديدة كلياً! هذا الدواء بدأت اليابان في تجربته على البشر في أكتوبر 2024، ويُرتقب إعلان نتائج المرحلة الأولى في أغسطس 2025.
في هذه المرحلة، أُجريت التجارب السريرية على 30 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 30 و60 عاماً ممن فقدوا سنًا واحدة على الأقل. الهدف من هذه المرحلة الأولى هو تقييم سلامة العلاج وقدرة الجسم على تحمّله، بينما المرحلة الثانية المنتظرة ستُركّز على مدى فعاليته في إعادة نمو الأسنان، بدقة وفي الموقع المطلوب.
يعتمد العلاج على دواء بيولوجي يُحقن موضعياً في الفك، في المكان الذي يُراد فيه إنبات السن الجديدة. هذا الدواء عبارة عن جسم مضاد يستهدف بروتيناً يُسمى USAG-1، الذي يُثبط نمو الأسنان طبيعياً. تعطيل هذا البروتين يؤدي إلى تنشيط براعم الأسنان الخاملة داخل العظم، مما يُحفّز الجسم على إنتاج سن جديدة بجذر وعصب ومينا.
نجحت التجارب الأولية لهذا الدواء على الفئران والقوارض والكلاب. إذ أدت جرعة واحدة فقط إلى نمو أسنان جديدة دون تسجيل آثار جانبية مقلقة، ما فتح الأبواب نحو تطبيق هذه التقنية على البشر. ما يميز هذه التقنية أنها لا تعتمد على الخلايا الجذعية أو الزراعة الاصطناعية، بل على إعادة تنشيط آلية النمو البيولوجية الكامنة أصلاً داخل جسم الإنسان.
إذا أثبتت التجارب السريرية نجاحها الأولي في أغسطس/آب 2025، فقد نشهد طفرة غير مسبوقة في مجال طب الأسنان، ويتوقع الأطباء أنه بحلول عام 2030 لن تكون هناك حاجة إلى أطقم الأسنان أو الغرسات المعدنية، بل إلى علاج بسيط يُحرّك براعم الأسنان النائمة لدى الأطفال المصابين بعيوب خلقية، أو كبار السن الذين فقدوا أسنانهم بفعل الإصابات أو أمراض اللثة.
يقود هذا المشروع الطموح الدكتور كاتسو تاكاهاشي بدعم من شركة "توريجيم بيوفارما" التابعة لجامعة كيوتو. ويرى الباحثون أن القدرة على إعادة نمو الأسنان من شأنها أن تمنح ملايين البشر حول العالم وسيلة طبيعية وآمنة لاستعادة ابتساماتهم المفقودة.