في مواجهة التحديات المتكررة التي تفرضها الزلازل على اليابان، طورت فرق بحثية يابانية وسويسرية يدًا روبوتية ضخمة تُركّب على حفارة، بهدف جمع الأنقاض في المناطق المنكوبة دون تعريض البشر للخطر.
هذا النظام يجمع بين ذراع روبوتية مرنة وحفارة قوية، ليشكل وحدة متكاملة قادرة على الوصول إلى أماكن يصعب على المعدات التقليدية دخولها، مثل المناطق المنحدرة أو المغمورة بالمياه أو تلك التي تحتوي على حطام غير مستقر.
اليد الروبوتية تمثل محور الابتكار في هذا المشروع، إذ صُممت لتُحاكي اليد البشرية من حيث المرونة والدقة، لكنها تفوقها في القوة والتحمل. تعتمد في حركتها على محركات هوائية تعمل كعضلات صناعية، مما يمنحها قدرة على الإمساك بالأجسام الهشة والثقيلة على حد سواء. وتُزوّد أطراف الأصابع وراحة اليد بحساسات متقدمة تنقل البيانات لحظياً إلى نظام التحكم، ما يسمح بتعديل قوة القبضة وفقًا لطبيعة الجسم المُلتقط.
في عرض تجريبي بمدينة تسوكوبا، أثبتت اليد قدرتها على التقاط كتل إسفنجية ناعمة وقطع معدنية خشنة دون إحداث أي ضرر، مما يدل على دقة التحكم واستجابة النظام الفورية.
أما الحفارة، فهي ليست مجرد قاعدة ميكانيكية، بل جزء أساسي من منظومة الحفر الذكية. فقد تم دمجها مع نظام ذكاء اصطناعي متطور، طوّره باحثون من معهد نارا للعلوم والتكنولوجيا باستخدام تقنيات التعلم المعزز. يتدرب هذا النظام أولًا في بيئات محاكاة رقمية، حيث يتعلم كيفية الحفر، وتحديد العوائق، وتعديل الإجراءات حسب الظروف. ثم يُطبّق هذه المهارات في الواقع، متكيفًا مع طبيعة الأرض ودرجة استقرارها، دون الحاجة إلى أوامر ثابتة أو تدخل بشري مباشر.
الهدف من هذا الدمج بين اليد الروبوتية والحفارة الذكية هو معالجة مشكلة السدود الطبيعية التي تتكوّن نتيجة الانهيارات الأرضية، والتي قد تسد مجاري الأنهار وتُعرض المجتمعات لخطر الفيضانات. بوزن أقصى يبلغ ثلاثة أطنان، تستطيع هذه المنظومة إزالة العوائق بدقة دون زعزعة التربة المحيطة، ما يجعلها مثالية للعمل في بيئات الكوارث المعقدة.
المشروع يُنفذ ضمن إطار برنامج CAFE الياباني، وهو اختصار لـ "روبوت ميداني تعاوني يعمل بالذكاء الاصطناعي في كل مكان"، ويشرف عليه مكتب مجلس الوزراء الياباني بالتعاون مع وكالة العلوم والتكنولوجيا. ويشارك فيه شركاء دوليون مثل المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، الذي ساهم في تصميم اليد الروبوتية، وشركة كوماجاي غومي التي توفر الخبرة في المعدات الثقيلة، إلى جانب جامعة تسوكوبا ومعهد نارا اللذين يقودان تطوير الذكاء الاصطناعي.
في أغسطس 2025، أظهر العرض التوضيحي في تسوكوبا أن النظام بلغ مستوى الجاهزية التكنولوجية TRL 4، أي أنه يعمل بكفاءة في بيئة مُتحكم بها. ويهدف الفريق إلى الوصول إلى TRL 5 بحلول نوفمبر، مما يعني اختبار النظام في ظروف واقعية أكثر تعقيداً. وإذا نجح المشروع، فمن المتوقع أن تُستخدم هذه التقنية عالمياً في إدارة الكوارث، لتُحدث تحولًا في طريقة إزالة الأنقاض وتنظيف المناطق المنكوبة، مع تقليل المخاطر على البشر وتسريع جهود الإنقاذ والاسترداد.