بقوة 100 كيلوواط: اليابان تبدأ التجارب البحرية لسلاحها الليزري الجديد

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Dec. 5, 2025

japanlaser

بعد أكثر من عقد من الأبحاث المكثفة في مجال الطاقة الموجهة، انتقلت اليابان بمشروعها الدفاعي الطموح إلى مرحلة إجراء تجارب بحرية حية لسلاح ليزر جديد عالي الطاقة بقوة 100 كيلوواط.

ثُبّت هذا النظام المتطور على متن سفينة الاختبار العسكرية "أسوكا" التابعة لقوات الدفاع الذاتي البحرية اليابانية، بهدف تقييم فعاليته في حماية السفن الحربية من التهديدات الجوية والبحرية الحديثة. طُوّر هذا النظام تحت إشراف وكالة المشتريات والتكنولوجيا واللوجستيات (ATLA) التابعة لوزارة الدفاع، ليكون حائط صد متطور ضد الطائرات المسيّرة وقذائف الهاون وحتى القوارب السريعة.

صُمم هذا السلاح ليعمل كمنظومة متكاملة قابلة للنقل والتركيب، حيث يُحمل داخل وحدتين بحجم حاويات الشحن القياسية بطول 40 قدماً، مما يسهل نشره على منصات بحرية مختلفة.

يقوم النظام على تقنية "دمج الأشعة الطيفية"، وهي تقنية هندسية دقيقة تجمع أشعة عشرة ليزرات ألياف بصرية محلية الصنع، قوة كل منها 10 كيلوواط، لتوليد شعاع واحد مركز وموحد تتجاوز قوته الإجمالية 100 كيلوواط. تتيح هذه التقنية الحفاظ على جودة الشعاع وقوته لمسافات أطول مقارنة بالليزر التقليدي، وتضم الحاويات أيضاً بصريات التحكم في الشعاع، وأنظمة إدارة الطاقة الكهربائية الضخمة، ووحدات تبريد متطورة للحفاظ على استقرار النظام أثناء الإطلاق المستمر.

يتميز هذا الليزر بخصائص تشغيلية ثورية مقارنة بالأسلحة التقليدية، فهو لا يعتمد على أي ذخيرة مادية ولا يحتاج لمخازن بارود، بل يتطلب فقط تياراً كهربائياً مستمراً لتشغيله، ما يمنحه "مخزناً لا نهائياً" من الطلقات طالما توفرت الطاقة في السفينة.

وتُعد التكلفة التشغيلية لإطلاق النار زهيدة جداً، حيث تقتصر فعلياً على ثمن الوقود اللازم لتوليد الكهرباء، مما يجعله الحل الاقتصادي الأمثل لمواجهة أسراب الطائرات المسيّرة الانتحارية منخفضة التكلفة التي قد تستنزف مخزون الصواريخ الاعتراضية باهظة الثمن في السفن الحربية.

تركز التجارب البحرية الحالية على متن السفينة "أسوكا" على تجاوز التحديات البيئية الصعبة التي تفرضها البحار، مثل الرطوبة العالية والضباب والاهتزازات المستمرة للسفينة. يتطلب الليزر تركيزاً دقيقاً للشعاع على نقطة محددة في جسم الهدف لبضعة ثوانٍ لإحداث الحرق أو صهر المكونات الحساسة، وهو أمر بالغ الصعوبة عندما تكون المنصة (السفينة) والهدف متحركين. ولحل هذه المعضلة، زُود النظام بأجهزة استشعار متقدمة تشمل كاميرات تصوير حراري ومرايا توجيه عالية السرعة وأنظمة تتبع دقيقة، تعمل جميعها بتناغم لإلغاء تأثير حركة الأمواج والرياح وإبقاء الشعاع "مقفلاً" على الهدف بدقة حتى يتم تدميره.

يأتي هذا الاختبار تتويجاً لمسار طويل بدأ باختبارات لأنظمة أقل قوة بقدرة 50 كيلوواط، ونجاحات سابقة في اعتراض أهداف أرضية ثابتة. وفي حال نجاح هذه التجارب وتجارب الاعتراض المخطط لها في السنوات القادمة، تخطط اليابان لدمج هذه الأنظمة بشكل دائم على مدمراتها الحديثة وسفنها المستقبلية.

هذا التحول يضع اليابان في مصاف الدول المتقدمة التي تسعى لامتلاك أسلحة الطاقة الموجهة لتعزيز دفاعاتها ضد التهديدات غير التقليدية وسد الثغرات التي تعجز الصواريخ التقليدية والمدافع الرشاشة عن تغطيتها بكفاءة وتكلفة مقبولة.



مشاركة