في ميادين القتال الحديثة، أصبحت الطائرات المسيّرة أحد الأعمدة الرئيسية في العمليات العسكرية، إلا أنها تواجه عائقاً كبيراً يتمثل في معدل سقوطها المرتفع قبل بلوغ الأهداف. فبحسب تقرير منشور في صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، تبلغ نسبة إسقاط الطائرات المسيّرة في الحرب الروسية الأوكرانية نحو 90%. لهذا، اقترح فريق من مهندسي الطيران والفضاء في جامعة نورث ويسترن بوليتكنيكال تطوير طائرات مسيّرة جديدة مزودة بتقنيات مراوغة متقدمة تُعرف باسم نظام التفادي النهائي.
ويعتمد هذا النظام على تركيب معزز صاروخي جانبي خفيف الوزن يُطلق في اللحظة الحرجة لتغيير مسار الطائرة بشكل مفاجئ، ويولد تسارعاً يصل إلى 16 ضعف قوة الجاذبية (16Gs). هذا التحول المفاجئ يربك الصواريخ الموجهة ويمنعها من إصابة الهدف، ما أدى إلى رفع معدل النجاة في المحاكاة الرقمية إلى 87%، وهو تغير جذري يجعل الطائرات شبه عصيّة على الإسقاط.
وفقاً لما نشرته SCMP، أجرى الفريق محاكاة رقمية فقط لتقييم أداء النظام، دون تطبيق ميداني حتى الآن. وتُظهر هذه التجارب نتائج واعدة للغاية، لكن الخطوة التالية للفريق ستكون على الأرجح إجراء اختبارات واقعية في بيئة ميدانية تُحاكي ظروف القتال الحقيقية، بهدف التحقق من فعالية النظام خارج حدود المختبرات الافتراضية.
يعتمد النظام على ثلاثة عناصر حاسمة لتحقيق التفادي: أولاً، توقيت الاشتعال يجب أن يتم قبل لحظة الاصطدام مباشرة، بثانية أو ثانيتين، ليحرم الصاروخ من فرصة تصحيح المسار. ثانياً، يعتمد على ذكاء اصطناعي يختار المسار أو اتجاه الهروب الأنسب بين الصعود أو الهبوط أو الانحراف الجانبي في أجزاء من الثانية. وأخيراً، يتطلب قوة دفع هائلة تُحدث انحرافاً حاداً يربك أنظمة التتبع في الصاروخ.
هذه الطائرات تمتلك أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة تُحلّل التهديدات بشكل لحظي، وتُقرر خطوات التفادي تلقائياً دون تدخل بشري، ما يمنحها تفوقاً واضحاً على الطائرات التقليدية. إضافة إلى ذلك، يمكن تجهيزها بتقنيات دفاعية مثل أنظمة التشويش الإلكتروني أو الطعوم الحرارية لتضليل الصواريخ الموجهة.
ورغم أن هذه التقنية لا تزال في مرحلة الاختبار، فإنها تُعد خطوة رائدة نحو تطوير جيل جديد من الطائرات المسيّرة القادرة على النجاة في بيئات قتالية معقدة. وإذا تم تطبيق النظام بنجاح في الواقع، فقد يمثل تحدياً كبيراً لأنظمة الدفاع الجوي، ويجعل من المسيرات سلاحاً شديد الفتك.