يهدف نظام التمويل اللامركزي DeFi وهو اختصار لـِ Decentralized Finance إلى إلغاء الوسيط بين البائع والمشتري؛ بين الدائن والمقترض. فعندما نشتري أي شيء وندفع بالبطاقة البنكية يكون البنك هو الوسيط بيننا وبين البائع؛ وهو من يدير عملية الدفع. وعندما نطلب قرضاً يقرر البنك إنْ كان سيعطينا إياه؛ رغم أنَّه قد استعار الأموال من الدائنين الذين أودعوا أموالهم عنده. فدائماً هناك وسيط بين المتعاملين؛ هذا الوسيط يلعب دوراً كبيراً إلى درجة التحكم بهم وبخياراتهم. فقد يقرر منعنا من الدفع؛ وقد يقرر حجب بطاقاتنا البنكية؛ وقد يقرر عدم إعطاء قرض لشخص ما و يعطيه لآخر لأسباب ذاتية؛ وقد تأتي لتسحب أموالك فيقوم بمنعك.
لكنْ رغم مسالبه الكثيرة فهذا الوسيط ضروري لنا. فعند الدفع يحتاج البائع والمشتري أن يضمنوا أن عملية الدفع قد تمت. و الوسيط البنكي يضمن أن المشتري لديه الأموال وأنه قام بالدفع. وفي حالة الإقراض؛ يجد الُمقرضين البنك أضمن من أنْ يقوموا بالعملية بأنفسهم مع أشخاص لايعرفونهم ولا يضمنون أنهم سيعيدون لهم أموالهم.
نظام التمويل اللامركزي يستبدل هذا الوسيط غير الشفاف بوسيط موثوق ويتعامل مع الجميع بنفس الطريقة. هذا الوسيط هو البلوكتشين. حيث يتم تسجيل كل المعاملات التي تتم بين البائع والمشتري على شبكة البلوكتشين التي تقوم بدور البنك في التحقق من صحة إتمام العملية ويتم تسجيل العملية في سجل عام يراه الجميع ويمكن مراقبته. يستطيع أي شخص أن يشارك بعملية التحقق وذلك من خلال الاتصال بشبكة البلوكتشين وتنفيذ كود برمجي هذا الكود مفتوح المصدر ويمكن للجميع معرفة كيف يعمل. فهذا النظام اللامركزي مفتوح و شفاف ويعامل الجميع بنفس الطريقة وهو بالأصل لايمتلك أي معلومات شخصية عن المتعاملين.
يقوم النظام المالي المركزي بأربع خدمات أساسية والتي يجد لها النظام اللامركزي بدائل مناسبة:
- خدمة تخزين الأموال
في النظام المركزي الحالي يُودع المتعاملون أموالهم في البنوك التي تتطلب معرفة هوياتهم وتحُدّْ من قدرتهم على نقل أموالهم والتصرف بها. أما في النظام اللامركزي "القادم" فالأموال مخزنة على شبكة البلوكتشين في عملات مثل البيتكوين؛ بحيث يملك كل شخص محفظة لا أحد غيره يعرف من صاحبها؛ ولا أحد يستطيع تحريكها إلا صاحبها الذي يمتلك مفتاحها السري.
2. خدمة الدفع
تلعب البنوك دور الوسيط في عمليات الدفع. تستبدل البلوكتشين هذا الوسيط من خلال وجود المتحققين البرمجيين الذين يضمنون صحة عمليات الدفع و يسجلونها في السجل العام كي يراها الجميع ويبقى النظام شفاف وعصي على الاختراق والتلاعب.
3. خدمة الإقراض
يقرر البنك منح القروض لأشخاص مُحدّدين؛ وهو يستعير أموال القروض من الدائنين ويعطيها لأشخاص هو يحدّدهم. أما في النظام اللامركزي فقد تم تطوير نوع جديد من العقود تسمى العقود الذكية؛ حيث يقوم المقترض والدائن بتوقيع عقد الإقراض ووضعه على شبكة البلوكتشين التي تضمن تنفيذه دون الحاجة لوسيط. وهناك العديد من شبكات البلوكتشين التي تدعم العقود الذكية وتعتبر أساس في النظام المالي اللامركزي وأشهرها الايثيريوم وسولانا و Avalanche و Binance Smart Chain.
4. خدمة تداول الأسهم والعملات
يتداول المضاربون والمستثمرين الاسهم والعملات عبر منصات تداول مركزية وبورصات تلعب دور الوسيط. في النظام اللامركزي ستكون هذه البورصات لامركزية أيضا وتدير البلوكتشين عمليات التداول بين العملات المختلفة باستخدام العقود الذكية؛ ومن أشهر مشاريع منصات التداول اللامركزي يوني سواب.
وهكذا نجد أن كل الخدمات المالية التي تحتاج لوسيط يمكن استبدالها بخدمات مماثلة لكن دون وسيط يتحكم بالخدمة. بل تُدار من قبل شبكة بلوكتشين تدعم العقود الذكية. لكن يبقى التحدي الكبير أمام هذا النظام المالي الجديد هو ثقة المتعاملين في سلامته. وهذه الثقة تأتي من ضمان صحته وضمان عدالته وضمان لامركزيته. فهناك الكثير من المتشككين في لامركزية شبكات البلوكتشين فهناك عدد قليل من المتحققين الذين يشاركون في العملية ويمكن لهم في لحظة ما أن يمارسو سلطة البنك أو الوسيط في النظام المركزي. ولا يبدو أن هذه الثقة يمكن أن تنشأ مالم توافق الحكومات على هذا النظام وتضع قواعد ضابطة تنظم طريقة عمله بحيث يمكن العودة للقضاء في حال حدوث أي خلل.