وإن لم تعلنها رسمياً فقد منعت الصين البيتكوين عملياً؛ ورغم أنه مازل الصينيون قادرين على الاحتفاظ بما لديهم من البيتكوين لكن لا يستطيعون لا بيعه ولا شرائه ولا الترويج له بعد اليوم؛ فقد قام تطبيق ويتشات -وهو الفيسبوك والتويتر الصيني- بمنع كل الحسابات التي تروج للأصول الرقمية بما فيها البيتكوين والعملات الرقمية الآخرى والرموز غير القابلة للاستبدال NFT.

لا يبدو قرار الحكومة الصينية مفاجئاً؛ ففي العام الماضي قامت بمنع تعدين البيتكوين في الصين واضطر المعدنون إلى الخروج إلى دول أخرى أبرزها كازاخستان. قبل ذلك كانت الصين تستضيف أكثر من نصف مُعدني البيتكوين وكان هذا يقلق الولايات المتحدة الأمريكية وكثيراً ما عبر السياسيون هناك عن قلقهم من سيطرة الحكومة الصينية على شبكة البيتكوين. فهل سيكون قرار الصين بمنع البيتكوين مُحفزاً للساسة الأمريكيين على تبنيه أم سيرون أنه بلا فائدة كما ارتأت الصين فيسعون لمنعه؟

في الواقع أميركا ليست مثل الصين وقرار منع العملات الرقمية لا يمكن أن يكون بهذه السهولة؛ فالتبني الشعبي الواسع لا يمكن لأحد أن يتجاهله لكن في ظل الانتكاسات الكبيرة التي تعرض لها سوق العملات الرقمية في الفترة الأخيرة وخيبة آمال الكثيرون من بعض الانهيارات -مثل انهيار عملة لونا- يجعل تنظيم البيتكوين في أميركا أمراً لا مفر منه؛ فلابد أن نرى قريباً قوانين تنظم سوق العملات الرقمية وتضع لها قيوداً وضوابط.

قبل بضعة أشهر قررت ولاية نيويورك منع شركات تعدين البيتكوين التي لا تنتقل إلى استخدام الطاقة المتجددة في التعدين خلال عامين فالبيتكوين يستهلك الكثير من الكهرباء ويلوث البيئة. وصرح بيل غيتس في كثير من اللقاءات أنه ضد البيتكوين لأنه لا ينتج أي قيمة, و الملياردير وارن بافيت قال أنه لايشتري البيتكوين بـ 25 دولار. في حين نرى دعماً كبيراً من قبل مؤسس تويتر جاك دورسي ودعماً ترويجياً من إيلون ماسك.

وقبل عدة أشهر وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن أمراً تنفيذياً يقتضي بإعداد دراسة عن العملات الرقمية وتحديد الاستراتيجية التي ستتخذها أميركا تجاه العملات الرقمية. وطلب فيه الرئيس التركيز على عدة أمور أهمها:

أولا: المخاطر التي تتسبب فيها العملات الرقمية على المستثمرين والمواطنين كونها غير مستقرة و متقلبة وغير منضبطة.

ثانيا: المحافظة على الابتكار التي أتى مع العملات الرقمية والتقنيات التي ازدهرت بسبب انتشارها كالبلوكتشين.

ثالثاً: دراسة إمكانية إنشاء دولار رقمي.

وهكذا يمكن القول أن أميركا تتجه إلى تنظيم العملات الرقمية وليس إلى منعها. لكن بالنسبة للكثيرين سيكون التنظيم كالمنع لأنهم لن يعودوا قادرين على تحقيق أرباح خيالية من خلال عمليات الترويج المخادعة.