تحميل العقل (Mind uploading) أو استنساخه هو مفهوم نظري يتم فيه نقل عقل الشخص بما يتضمنه من وعي وذكريات ومعلومات من الدماغ إلى وسيط رقمي كالكمبيوتر، مما يؤدي إلى إنشاء نسخة رقمية من العقل.
رغم أن هذه الفكرة تم استكشافها في أفلام الخيال العلمي إلاّ أن هناك الكثيرون من منظري ما بعد الإنسانية يؤمنون بإمكانية تحقيقها، ومن بينهم العديد من رواد التكنولوجيا الذين يبذلون جهداً عملياً لتحقيقها رغبة منهم بالخلود خارج حدود الجسد البيولوجي.
تحميل العقل في الماتركس و الارتقاء
في فيلم الماتركس يتم تحميل العقل إلى الماتركس (محاكاة افتراضية) عبر وصلة فيزيائية تقوم بنقل الوعي إلى جسد افتراضي داخل المحاكاة، ويتم التعامل مع العقل المنقول كنظام رقمي يمكن أن يتعلم أي مهارة من خلال تحميل برنامج التدريب، لكن الأمر يبقى محدوداً فهناك ارتباط مباشر بين العقل الحقيقي والعقل الافتراضي ولا يعملان معاً في نفس الوقت وينتهي الافتراضي بانتهاء الحقيقي أو قطع الاتصال معه، كما ينتهي الحقيقي بتدمير الافتراضي، وكأنها عملية نقل وليس نسخ أو تحميل.
بينما في فيلم الارتقاء Transcendence، بطولة جوني ديب، بعد وقوع حادث مميت لشخصيته، يتم تحميل وعيها إلى كمبيوتر عملاق. تكتسب النسخة الرقمية ذكاء وقوة كبيرين، الأمر الذي يفقدها البعد الإنساني ويجعلها تتعامل مع الآخرين كأرقام ، ويمنحها قدرة كبيرة على التحكم في العالم المادي وتسخيره لخدمة أهدافها.
وهذا يلقي الضوء على التداعيات الكارثية المحتملة لمثل هذه التكنولوجيا، وبنفس الوقت يلقي الضوء على أن هذه النسخة الرقمية كأي تطبيق رقمي يُمكن تعطيل عملها أو توجيهه باستخدام فيروس كما حدث في الفيلم، ورغم أن هدفه تدمير العقل الرقمي الشرير لكنه يشير إلى نقطة غاية في الأهمية تهدد هذه التكنولوجيا، إذ يمكن توجيه العقل والتلاعب به بالفيروسات، مما يفتح الباب لمخاطر كثيرة يصعب التنبؤ بنتائجها.
كيف يُمكن أن يعمل تحميل العقل؟
لكي يعمل تحميل الدماغ يجب أولاً أن تتم عملية مسح الدماغ، وهذه العملية يجب أن تكون قادرة على تصوير الدماغ ورسم خريطة لبنيته واتصالاته العصبية وما تحتويه من معلومات بالتفصيل.
بعد المسح يتم نقل المعلومات إلى جهاز كمبيوتر أو أي منصة رقمية، ليتم استخدامها في بيئة محاكاة أو وضعها في روبوت مما يسمح للعقل المُحمل أي يعمل ويقوم بعمليات التفكير والإدراك والتفاعل مع ما يأتيه من الخارج من مؤثرات كما يقوم العقل البيولوجي.
قضية شائكة قانونياً وأخلاقياً
يعتبر نسخ الدماغ وتحميله قضية شائكة، فبالرغم من أن التقنية اللازمة لفعل كل هذا غير موجودة حتى الآن، لكن التفكير بالمسائل الأخلاقية التي تثيرها ضروري، فالعقل المنسوخ هل سيكون نسخة طبق الأصل عن الأصل وكيف سيتم التعامل معه كإنسان جديد مختلف أم استمرارية للقديم، وفي حالة وجود عدة نسخ من نفس العقل كيف سيتم التعامل معها ومع تطور كل منها، وكيف ستتم حمايته من الهجمات الفيروسية التي قد تغيره جذرياً.
كلها أسئلة شائكة ومعقدة ومن الصعب الإجابة عليها، لكن يبقى الشيء الأصعب هو الوصول تقنياً لتحقيق عملية تحميل العقل.