ماهي الكمبيوترات المدعومة بالذكاء الاصطناعي وما مستقبلها؟

بقلم:   جاد طرابيشي           |  March 1, 2024

ai pc

أدى الذكاء الاصطناعي إلى ولادة نوع جديد من الكمبيوترات فلا يمكن أن نتخيل أن نظارة آبل فيجن برو يمكن أن تكون لولا تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ وجهاز Rabbit R1 لم يكن لونه البرتقالي ليجذب الناس لولا استخدامه للذكاء الاصطناعي و دبوس الذكاء الاصطناعي من شركة هيومن AI Pin لم يكن ليلاقي اهتماماً لو حذفنا من اسمه الذكاء الاصطناعي.

شركات صناعة المعالجات مثل إنتل و AMD واكبت الموجة و لم تفعل كما فعلت نوكيا وكوداك في السابق؛ بل أطلقت جيل جديد من الحواسيب الشخصية هي الحواسيب المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

ماهي الكمبيوترات المدعومة بالذكاء الاصطناعي؟

لايختلف الكمبيوتر الشخصي المدعوم بالذكاء الاصطناعي عن الكمبيوتر الشخصي في شيء سوى باستخدام وحدة معالجة خاصة لتسريع عمل نماذج الذكاء الاصطناعي. ففي الكمبيوتر العادي يوجد وحدتي معالجة: وحدة حسابية CPU للقيام بالعمليات الحسابية والمنطقية التي يتطلبها نظام التشغيل والبرمجيات المختلفة؛ ووحدة معالجة رسومية GPU التي تقوم بالمعالجة الرسومية التي تتطلبها برامج الرسوميات والالعاب. في الكمبيوترات المزودة بالذكاء الاصطناعي يتم إضافة وحدة حسابية جديدة اسمها NPU (neural processing unit) أي وحدة المعالجة العصبونية والهدف منها تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي فقط.

في حين يمكن استخدام CPU لأي عملية حتى لتشغيل الذكاء الاصطناعي لكنها بطيئة وغير فعالة في ذلك؛ أما GPU فهي مناسبة لإجراء الحسابات المتوازية وهذا مناسب لعمل نماذج الذكاء الاصطناعي والألعاب؛ لكن NPU تتميز بأن لها معمارية مخصصة فقط لتشغيل نوع محدد من نماذج الذكاء الاصطناعي وهي النماذج الحديثة المعتمدة على تقنيات التعلم العميق المعتمد على الشبكات العصبونية؛ إذ يتم بناؤها خصيصا لتناسب عمل هذه النماذج فقط فتكون أسرع من غيرها وأكثر توفير للطاقة لكنها لن تكون مفيدة لأداء أي مهام أخرى.

لماذا نحتاج كمبيوتر مدعوم بالذكاء الاصطناعي؟

معظم نماذج الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT و جيميناي و كوبايلوت يتم استخدامها عبر الشبكة ولا نحتاج لتشغيلها على الكمبيوتر لذا قد لا يشعر البعض بالحاجة لمثل هذه الكمبيوترات. لكن لهذا أثره على خصوصية المستخدمين بالعموم وإن كانوا يستخدمونها لأداء أعمالهم فهذا يعرض بيانات الشركة ومعلوماتها الداخلية للخطر؛ لذلك هناك على الأقل هناك14 شركة منعت موظفيها من من استخدام ChatGPT -وفقا لـ Business Insider.

فهذه التطبيقات تدخل أكثر فأكثر في حياتنا و نزودها تدريجياً بمعلومات أكثر خصوصية عنا وعن عملنا، من جهة قد يرغب البعض بالمحافظة على الخصوصية وعدم مشاركة حواراتهم وأعمالهم مع الشركات المشغلة لهذه التطبيقات. ومن جهة ثانية فإن نماذج الذكاء الاصطناعي ستصبح جزءاً من عدد كبير من التطبيقات التي نستخدمها كل يوم على حواسيبنا وبالتالي ستسفيد من الـ NPU لتسريع عملها؛ فزيادة الأحمال البرمجية يجب أن يقابله زيادة في القدرة الحسابية حتى لا نشعر أن الكمبيوترات أصبحت أبطأ.

فمثلاً تطبيقات تحويل النص إلى صوت أصبحت اليوم تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعطي أصواتاً شبيه بأصوات البشر؛ كما أن تطبيقات التصميم والرسومات أصبحت تستخدم الذكاء الاصطناعي في محو أجزاء من الصورة أو استبدالها أو تغيير الخلفية. مايكروسوفت أعلنت بداية العام إضافة زر كوبايلوت على لوحة مفاتيح كمبيوترات ويندوز لكي يتم تشغيل كوبايلوت مباشرة على جهاز المستخدم أو على الأقل جزء منه.

ما هي الشركات التي تصنع وحدات المعالجة العصبونية NPUs؟

كانت آبل السباقة لإضافة هذه الوحدة إلى شرائحها المخصصة للكمبيوتر بعد أن استخدمتها في آيفون منذ A15 Bionic. في عام 2021 أعلنت عنها كجزء من معالج M1 واستمرت بتطوير عملها مع سلسلة معالجات M وصولا ل M3 حاليا لكن آبل لاتسميها NPU بل محرك الذكاء الاصطناعي AI Engine.

شركة AMD أعلنت عن تضمينها في سلسلة معالجات Ryzen 7040HS عام 2023 وأطلقت عليها اسم فونيكس Phoenix و تعمل على عدد من الكمبيوترات اليوم. وهي الآن في صدد إطلاق الإصدار الثاني 8040 Ryzen تحت اسم "Hawk Point" والعام المقبل ستطلق جيل أحدث تحت اسم "Strix Point".

شركة إنتل أطلقت بداية هذا العام سلسلة معالجات ألترا Intel® Core™ Ultra تحت اسم "Meteor Lake" وقد تم إطلاق أول كمبيوتر يعمل بها منذ عدة أيام وهو سامسونغ Galaxy Book4.

يتعلق مدى نجاح هذه الشرائح بإقبال صناع البرمجيات على تضمين نماذج ذكاء اصطناعي تعمل عليها؛ ولهذا تتعاون الشركات مع صناع البرمجيات لتسهيل عمل تطبيقاتهم ورفع كفائتها على هذه الشرائح.

هل تهدد عرش إنفيديا؟

إنفيديا الشركة الرائدة في تصنيع شرائح الذكاء الاصطناعي والتي تجاوزت قيمتها السوقية 2 تريليون الشهر الماضي؛ تستولي على الحصة الأكبر من السوق وشريحتها H100 الأكثر استخداماً في مراكز البيانات وفي الحواسيب الشخصية معظم المطورين يعتمدون على أنواع مختلفة من Nvidia GPUs لتدريب وتشغيل النماذج.

لاتبدو إنفيديا قلقة من تطوير شركات المعالجات لهذا النوع من الرقائق؛ فقد أصدرت منذ أيام شريحة جديدة NVIDIA RTX 500 and 1000 للكمبيوترات المحمولة وقدرتها قد تصل لعشرات أضعاف قدرات الـ NPU المدمجة مع معالجات إنتل وأبل و AMD. وتقول انفيديا أن وحدات NPU ستكون مفيدة لتشغيل النماذج الصغيرة التي لا تحتاج قدرات كبيرة وستبقى RTX للمهام المعقدة.

مستقبل الكمبيوترات المدعومة بالذكاء الاصطناعي

من الواضح أن استخدام هذه الكمبيوترات مرتبط بوجود تطبيقات تستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي يمكن تنفيذها على الكمبيوتر؛ من المتوقع لهذا السوق أن ينمو في السنوات القادمة و ينتقل تدريجيا من الاعتماد على الحوسبة السحابية إلى الكمبيوترات الشخصية.

لكن بالقياس على ما حصل في الماضي مع الألعاب؛ فقد ظلت GPU من شركة انفيديا هي المستخدمة للألعاب التي تطلب قدرات حسابية عالية وبقيت تلك المدمجة مع الـ CPU أقل فائدة؛ ربما سيتكرر الأمر نفسه مع NPU وستبقى فائدتها محدودة واستخدامها محدود.

كما أن مستقبل وحدات NPU مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتقنية التعلم العميق؛ لذا فإن أي خرق في مجال الذكاء الاصطناعي يفضي إلى طريقة أكثر فعالية لبناء أنظمة ذكية سيؤدي حتماً لتغييرها وصناعة وحدات أخرى مختلفة.



مشاركة