أرأيت كيف يشفي الروبوت T-1000 في فيلم تيرمنيتور-2 نفسه عندما يتعرض للطلقات أو البتر، فيعيد إصلاح ذاته كأنه لم يصب بأذى؟ يسعى الباحثون إلى تطوير روبوتات مرنة قادرة على الشفاء الذاتي عند تعرضها للضرر، ليس بالطبع بنفس الطريقة الخيالية التي نراها في الفيلم، ولكن بأسلوب أقرب إلى الكائنات الحية، حيث تتمكن من معالجة نفسها تلقائياً عند تعرضها للجروح والإصابات.
الروبوتات الصلبة تواجه تحديات كبيرة في التكيف مع البيئات المختلفة، وغالباً ما تتعرض للأعطال نتيجة الاصطدامات أو السقوط. لذلك، فإن استخدام عضلات مرنة ذات قدرة على إصلاح نفسها قد يكون الحل لجعلها أكثر تكيفاً واستدامة، مما يتيح لها العمل في ظروف صعبة دون الحاجة إلى تدخل بشري لإصلاحها.
وهذا ما يحاول فريق من المهندسين والباحثين في جامعة نبراسكا-لينكولن تحقيقه من خلال تطوير أنظمة روبوتية مبتكرة يمكنها اكتشاف الضرر ومعالجته ذاتياً.
قام الفريق ببناء عضلة روبوتية تتكون من ثلاث طبقات رئيسية تعمل بتناغم لإحداث الحركة وكذلك لكشف الإصابات وإصلاحها. الطبقة العلوية هي طبقة التشغيل المسؤولة عن حركة العضلة، فعندما يتم ضخ الماء فيها بضغط معين تتمدد أو تتقلص، مما يؤدي إلى إحداث الحركة المطلوبة، تماماً كما تتقلص وتنبسط العضلة البيولوجية. الطبقة الوسطى تحتوي على مادة الشفاء الذاتي، وهي عبارة عن مطاط حراري بلاستيكي صلب، أما الطبقة السفلية فهي طبقة كشف التلف، وتعمل بمثابة جلد العضلة، حيث تتكون من قطرات معدنية سائلة مدمجة في مطاط سيليكوني مرن، وتشكل هذه القطرات شبكة إلكترونية قادرة على اكتشاف الضرر.
تتصل هذه الطبقة بوحدة تحكم ودائرة استشعار، حيث يتم تمرير خمسة تيارات كهربائية عبرها، وعند حدوث ثقب أو تلف ناتج عن الضغط، تتغير المسارات الكهربائية داخل شبكة القطرات المعدنية السائلة، مما يؤدي إلى تشكيل شبكة كهربائية جديدة بين مسارات المراقبة. يتعرف النظام على هذا التغير ويعتبره دليلًا على حدوث تلف، فيقوم بزيادة التيار الكهربائي عبر الشبكة المتكونة حديثاً، مما يؤدي إلى تحويل الطاقة الكهربائية إلى حرارة موضعية حول مناطق الضرر بسبب مقاومة المادة. بعد بضع دقائق، تعمل الحرارة على إذابة الطبقة الوسطى (مادة الشفاء الذاتي) وإغلاق الجرح ذاتياً.
بعد إتمام عملية الإصلاح، يتطلب النظام إعادة ضبط نفسه إلى حالته الأصلية، ولهذا يستغل الباحثون ظاهرة الهجرة الكهربائية، وهي عملية تؤدي فيها التيارات الكهربائية إلى هجرة ذرات المعدن. فمن خلال زيادة شدة التيار، يمكن تحفيز الهجرة الكهربائية، مما يعيد ضبط شبكة كشف الأضرار، ويزيل الآثار الكهربائية الناتجة عن الضرر، ليعود النظام إلى حالته الأولية وكأنه لم يصب بتلف قط.
يمثل هذا البحث، الذي نُشر في مجلة علمية، خطوة هامة نحو تطوير روبوتات أكثر مرونة واستدامة. وعلى الرغم من أن هذه التقنية لا تزال في مراحلها الأولية وليست جاهزة للتطبيق الفوري، إلا أنها قد تكون مفيدة جدًا في المجالات التي تتعرض فيها الروبوتات والأجهزة للضرر المتكرر، مثل الزراعة أو الأجهزة القابلة للارتداء.