أعلن فريق الذكاء الاصطناعي الكمومي في جوجل عن خوارزمية جديدة تُسمى "أصداء الكم" (Quantum Echoes)، تُحقق إنجازاً طال انتظاره في هذا المجال: قابلية التحقق من نتائج الحوسبة الكمومية دون الحاجة إلى مقارنة مباشرة مع الحواسيب الكلاسيكية.

تم تشغيل الخوارزمية على أحدث شريحة كمومية طورتها جوجل والمعروفة باسم ويلو "Willow"، حيث أنجزت مهمة كمومية بسرعة تفوق أفضل الحواسيب الفائقة التقليدية بما يقارب 13,000 مرة.

ما الذي تم اختباره؟

الخوارزمية اختبرت على مسألة مستوحاة من الرنين المغناطيسي النووي (NMR)، تتضمن محاكاة ديناميكيات كمومية تُشبه تفاعلات السبين داخل الجزيئات. ورغم أن النظام المحاكى لا يمثل جزيئاً كيميائياً حقيقياً، إلا أن هذه النوعية من المحاكاة ترتبط ارتباطاً وثيقًا بتطبيقات في الكيمياء الكمومية، وتصميم الأدوية، وتطوير المواد المتقدمة.

كيف تعمل الخوارزمية؟

في التجربة، تم إعداد مجموعة من الكيوبِتات على شريحة ويلو لتمثيل حالة كمومية أولية. ثم طُبّقت سلسلة من البوابات الكمومية لمحاكاة تطور هذه الحالة عبر الزمن، وفقاً لنموذج رياضي يُحاكي تأثير التفاعلات الداخلية والحقول المغناطيسية الخارجية كما يحدث في تجارب NMR.

للتأكد من صحة الحساب، قاس الباحثون أولاً "صدى" كمياً دقيقاً. بعد ذلك، ولإثبات أن هذا الصدى كان إشارة كمية حقيقية وليس مجرد ضجيج عشوائي، أعادوا التجربة وقاموا "بإفساده" عمداً. حقيقة أن هذا "الصدى" انهار تماماً وتأثر بشدة بهذا الإزعاج البسيط هو الدليل القاطع على أنه كان ناتجاً عن تناغم كمي دقيق وهش، وهو ما يؤكد أن العملية الحسابية الأصلية كانت صحيحة ومتسقة.

هل هذا تفوق كمومي؟

رغم أن الخوارزمية لا تقدم نتيجة قابلة للاستخدام المباشر في الصناعة أو البحث الكيميائي، إلا أنها تُظهر تقدماً مهماً نحو ما يُعرف بـ "المنفعة الكمومية" (Quantum Utility). فهي لا تكتفي بالسرعة، بل تُثبت أن الحسابات الكمومية يمكن أن تكون قابلة للتحقق وموثوقة.

خطوة نحو الثقة في العتاد الكمومي

قد يُشبه هذا الإنجاز اختبار محرك طائرة جديدة على منصة ثابتة: لم تُستخدم لنقل الركاب بعد، لكنها أثبتت أنها تعمل بكفاءة ويمكن الوثوق بها لاحقاً. بهذه الطريقة، قدمت جوجل آلية للتحقق من اتساق الحسابات الكمومية، في مواجهة الانتقادات التي ترى أن الحواسيب الكمومية قد تنفذ عمليات غير قابلة للتحقق أو عشوائية.

ومع ذلك، من المهم التوضيح أن هذا لا يُثبت صحة النتائج بشكل مطلق، بل يُظهر أن تسلسل العمليات الداخلية كان متماسكاً. هذا يُعزز الثقة في موثوقية العتاد الكمومي وقدرته على تنفيذ حسابات دقيقة، أكثر مما يُثبت تفوقاً حاسماً في الأداء أو المنفعة العلمية المباشرة.