في عام 2016، أطلقت الصين أول قمر صناعي مخصص للاتصالات الكمومية، والذي حمل اسم ميسيوس Micius أو Mozi، بهدف تعزيز أمان نقل المعلومات عبر تقنية توزيع المفاتيح الكمومية QKD. يعتمد القمر الصناعي على بروتوكول BB84 لتبادل مفاتيح التشفير مع المحطات الأرضية، وهو البروتوكول الذي يُعتقد أنه غير قابل للاختراق نظرياً بدون أن يتم كشفه فوراً.
غير أن هذا التصور بدأ يتغير بعدما أجرى الباحث الروسي ألكسندر ميلر، الذي يعمل حالياً في سنغافورة، دراسة تجريبية حول آلية عمل هذا البروتوكول، ليكتشف وجود ثغرات في نظام التشفير الكمومي تجعله عرضة للاختراق بطرق أبسط مما كان متوقعاً.
يعتمد البروتوكول على تبادل المفاتيح الكمومية عبر الفوتونات، بحيث يؤدي اعتراض أي فوتون إلى تغيير حالته الكمومية، مما يجعل الكشف عن عمليات الاختراق ممكناً فور حدوثها. ولكن نظراً لصعوبة الاعتماد على فوتون منفرد في عمليات الاتصال الطويلة، يتم إرسال نبضات ليزرية تحتوي على عدة فوتونات متطابقة تحمل نفس المعلومات. هذه الطريقة تجعل الاتصالات أكثر موثوقية وعملية، لكنها في الوقت ذاته تفتح المجال أمام ثغرات أمنية، حيث إن اعتراض أحد الفوتونات داخل النبضة قد لا يؤدي إلى الكشف عنه، إذ يُعتبر الفقدان الجزئي طبيعياً في مثل هذه الأنظمة.
لتعزيز الأمان، يعتمد النظام على ثمانية أجهزة ليزر، حيث يقوم أحدها بإرسال الإشارات الحقيقية، بينما ترسل السبعة الأخرى نبضات ليزر وهمية. الهدف من هذه الآلية هو منع أي مُخترِق من تمييز الإشارة الأصلية عن الإشارات الزائفة.
لكن ميلر اكتشف وجود تأخيرات زمنية طفيفة بين النبضات الصادرة عن الليزرات المختلفة، وهو ما يمكن استغلاله لكشف الإشارة الأصلية. في ورقة بحثية غير مُحكّمة، أظهرت تحليلاته أن هناك تفاوتاً زمنياً ملحوظاً بين الإشارات، حيث وصل الفارق إلى 300 بيكو ثانية في بعض الحالات، وهو فارق زمني يكفي للتمييز بين الإشارة الأصلية والوهمية. وفقاً لما توصل إليه ميلر، فإن أي جهة تمتلك معدات قياس فائقة الدقة يمكنها استغلال هذا التفاوت للكشف عن الإشارة الأصلية في 98.7% من الحالات، مما يعني أن النظام ليس آمناً كما كان يُعتقد.
هذه النتائج تتعارض مع الافتراض الأساسي لأمان بروتوكول BB84، الذي يقوم على فكرة أنه لا يمكن معرفة الإشارة الأصلية. إلا أن الدراسة الجديدة تبين أن الاختراق قد يكون ممكنا دون إثارة الشكوك. وفقا لهذه الاستنتاجات، فإن توزيع المفاتيح الكمومية باستخدام الأقمار الصناعية، ليس آمناً تماماً، وليس بسبب الفشل النظري لكن بسبب محدودية التقنيات التي تقوم بالاتصال.