تتعاون وكالة الفضاء الأمريكية ناسا مع جامعة ولاية أوهايو لتطوير مفهوم جديد في الدفع الفضائي يُعرف باسم "المحرك النووي الحراري بالطرد المركزي" (CNTR). يهدف هذا المحرك إلى استبدال المحركات الكيميائية التقليدية وحتى المحركات النووية الحرارية التي تعتمد على اليورانيوم الصلب، وذلك بهدف تقليل زمن الرحلات الفضائية بفضل قوة الدفع الأكبر التي يمكن أن يقدمها.
كيف يعمل المحرك؟
يعتمد هذا المحرك على استخدام اليورانيوم في حالته السائلة داخل أسطوانة تدور بسرعة عالية جداً. هذه السرعة تولد قوة طرد مركزي تدفع اليورانيوم نحو الجدار الداخلي للأسطوانة، لتشكل طبقة دائرية من الوقود السائل. تُفصل عن الجدار الداخلي بطبقة غازية لمنع تآكل المواد الصلبة بفعل الحرارة الشديدة أو التفاعل النووي، ويسمح للمحرك بالعمل في درجات حرارة أعلى بكثير من تلك الممكنة في التصاميم التقليدية.
تصل حرارة اليورانيوم السائل إلى درجات مرتفعة بفعل التفاعل النووي الداخلي تبلغ حوالي 1400 درجة مئوية. بعد ذلك، يتم ضخ وقود مثل الهيدروجين أو الميثان عبر جدار مسامي إلى داخل الأسطوانة، حيث يمر عبر طبقة اليورانيوم السائل ويكتسب حرارة هائلة. هذا الغاز الساخن يتمدد بسرعة ويتجه نحو فوهة المحرك، حيث يخرج بسرعة عالية جداً، مولداً قوة الدفع اللازمة.
التحديات والأداء
يتمثل التحدي الأكبر في تصميم هذا المحرك في كيفية إخراج الغاز الساخن من الأسطوانة الدوارة دون أن يؤدي ذلك إلى فقدان السيطرة على اليورانيوم السائل أو تسربه. وقد اقترحت التصميمات الحالية حلولًا لذلك لكن لم يتم اختبارها عملياً.
تمكن هذه التقنية المحرك من تحقيق نبضة نوعية تقارب 1800 ثانية، مقارنة بـ 450 ثانية في المحركات الكيميائية و 900 ثانية في المحركات النووية الحرارية التقليدية. و النبضة النوعية هي مقياس لكفاءة المحرك، وكلما زادت قيمتها، زادت كفاءة المحرك في استخدام الوقود.
الفرق الجوهري بين محرك اليورانيوم السائل هذا والمحركات النووية الحرارية التقليدية، مثل محرك SNRE الذي طورته ناسا في الماضي، هو أن الأخيرة تعتمد على وقود نووي صلب وتعمل في درجات حرارة محدودة، مما يحد من أدائها. أما هذا المحرك فيستخدم وقوداً سائلاً يمكن تسخينه مباشرة بفعل الانشطار النووي، مما يرفع درجة الحرارة وكفاءة الدفع بشكل كبير.
حتى الآن، لم يتم اختبار هذا المفهوم عملياً، وما زال في مرحلة التصميم والنمذجة الحاسوبية. لكن الدعم الذي توفره ناسا يفتح الباب أمام إمكانية بناء نموذج أولي واختباره في المختبر خلال السنوات القادمة، وهو ما قد يمهد الطريق لجيل جديد من محركات الدفع الفضائي .
وقد نشرت الجامعة بعض الدراسات عن الفكرة والتصميم والتحديات.