باحثون يطورون عدسات لاصقة تُمكّن البشر من رؤية الأشعة تحت الحمراء

بقلم:   جاد طرابيشي           |  May 23, 2025

lens-infrared

لا يستطيع البشر إدراك الأشعة تحت الحمراء، مما يفقدهم إمكانية الوصول إلى قدر هائل من المعلومات الحسية التي قد تكون متاحة لهم. ولهذا، طوّر فريق دولي بقيادة علماء صينيين عدسات لاصقة مبتكرة تتيح للإنسان رؤية الأشعة تحت الحمراء القريبة. هذه التقنية يمكن أن تساعد في تحسين الرؤية في الظروف الصعبة مثل الضباب والغبار، وكذلك خلال عمليات الإنقاذ، كما قد تكون لها فائدة كبيرة للأشخاص ضعاف البصر، إذ يمكن أن تساعدهم في الرؤية بوضوح أكبر.

الرؤية البشرية محدودة بالطيف المرئي، وهو نطاق من الضوء يتراوح طوله الموجي بين 400 و700 نانومتر. أما الأشعة تحت الحمراء القريبة، التي تمتد بين 700 و2500 نانومتر، فهي غير مرئية للعين البشرية، وذلك بسبب طبيعة المستقبلات الضوئية في شبكية العين، التي لا تستجيب لهذه الأطوال الموجية.

لحل هذه المشكلة وجعل الأشعة تحت الحمراء مرئية للإنسان، استخدم باحثون من جامعة العلوم والتكنولوجيا الصينية، وجامعة فودان، وكلية الطب بجامعة ماساتشوستس عناصر أرضية نادرة مثل الإيتربيوم و الإربيوم و الثوليوم و السيريوم وصنعوا منها جزيئات نانوية مبتكرة. هذه الجزيئات تتميز بقدرتها على تحويل الأشعة تحت الحمراء إلى ضوء مرئي بالألوان الأساسية: الأحمر، الأخضر، والأزرق. بعد ذلك، تم دمج هذه الجزيئات النانوية داخل مواد بوليميرية شفافة لصنع عدسات لاصقة يمكن ارتداؤها دون الحاجة إلى أي تدخل جراحي.

تقوم هذه الجزيئات النانوية بتحويل الضوء، حيث تقوم بتجميع فوتونات الأشعة تحت الحمراء وإطلاق فوتون ذو طاقة أعلى يجعله مرئياً للعين البشرية. هذه التقنية تختلف تماماً عن نظارات الرؤية الليلية التقليدية، التي تعتمد على أجهزة إلكترونية تحوّل الأشعة تحت الحمراء إلى صور رقمية. على العكس من ذلك، فإن العدسات اللاصقة الجديدة تقوم بهذه العملية بشكل طبيعي وبدون الحاجة إلى مصدر طاقة أو برمجيات معقدة، ما يجعلها خفيفة الوزن ولا تعيق الرؤية العادية.

في التجارب العملية، تمكن الأشخاص الذين ارتدوا هذه العدسات اللاصقة من التعرف بدقة على المعلومات المرسلة عبر الأشعة تحت الحمراء، بما في ذلك شيفرة مورس التي تم إرسالها باستخدام إشارات ضوئية بالأشعة تحت الحمراء. هذا الإنجاز يُظهر أن البشر تمكنوا من التعرف على المعلومات الزمنية والمكانية للأشعة غير المرئية، مما يفتح المجال أمام تطبيقات جديدة، مثل الاتصالات المشفرة في البيئات ذات الرؤية المحدودة.

لاحظ الباحثون أيضاً أن ارتداء هذه العدسات اللاصقة يتيح للمستخدمين تمييز الأشعة تحت الحمراء بشكل أكثر وضوحاً عند إغلاق أعينهم، وذلك لأن الأشعة تحت الحمراء تخترق الجفون بسهولة أكبر من الضوء المرئي، مما يقلل التداخل ويجعل الرؤية أكثر دقة.

ورغم أن هذه التقنية لا تزال في مرحلة إثبات المفهوم ولم تصل بعد إلى الاستخدام العملي، فإن الباحثين يعتقدون أنها ستحدث نقلة نوعية في مجالات متعددة، مثل مساعدة ضعاف البصر على تحسين رؤيتهم، وتقديم حلول مبتكرة لفرق الإنقاذ أثناء الظروف القاسية مثل الضباب والغبار. مستقبل هذه العدسات اللاصقة يبدو واعداً، وربما نشهد تطبيقاتها قريباً في مجالات أخرى، مثل الأمن، والاتصالات، والواقع المعزز.

نشرت الدراسة في مجلة Cell.



مشاركة