يستهلك الذكاء الاصطناعي كميات ضخمة من الطاقة، نظراً لحاجته إلى تنفيذ عدد هائل من العمليات الحسابية على شرائح السيليكون الكهربائية، مثل وحدات المعالجة الرسومية.
ومع التوسع المتسارع في استخدامه في مختلف المجالات، بات هذا الاستهلاك المرتفع يشكّل تحدياً كبيراً. ولهذا لابد من تطوير حلول بديلة، مثل استخدام الشرائح الضوئية بدلاً من السيليكون، إذ تعتمد هذه التقنية على الضوء بدلاً من الكهرباء، مما يمنحها سرعة أعلى وكفاءة أكبر في استهلاك الطاقة، ويجعلها خياراً واعداً للحوسبة المستدامة.
ولهذا، طوّر باحثون من جامعة فلوريدا شريحة ضوئية تُعرف باسم pJTC، وهي شريحة فوتونية مدمجة تٌسرع تنفيذ نوعاً خاصاً من العمليات يُسمى عمليات التلافيف (convolutions)، والتي تستهلك نحو 90% من الطاقة الحسابية في نماذج الشبكات العصبية التلافيفية (CNN) المستخدمة في تحليل الصور والفيديو.
تعتمد الشريحة في تنفيذ العمليات على التحويل الضوئي بدلاً من المعالجة الإلكترونية التقليدية، حيث تُنقش عدسات مجهرية تُعرف بعدسات فريسنل مباشرة على رقاقة السيليكون، وتُستخدم هذه العدسات لتنفيذ تحويل فورييه ضوئياً.
تبدأ العملية بتحويل البيانات الرقمية إلى إشارات ضوئية باستخدام مُعدِّلات ضوئية، ثم تمر هذه الإشارات عبر العدسات التي تُنجز العمليات المطلوبة، وهي تحويل فورييه، قبل أن تُحوّل النتائج الضوئية إلى بيانات رقمية مرة أخرى باستخدام كواشف ضوئية، لتُستخدم في الخطوات التالية داخل الشبكة العصبية.
تتميز الشريحة أيضاً بقدرتها على معالجة بيانات متعددة في وقت واحد باستخدام أطوال موجية مختلفة، مما يُتيح تنفيذ عمليات متوازية بكفاءة عالية. ويمكن دمجها داخل وحدات المعالجة أو استخدامها كمسرّع خارجي بجانب المعالج المركزي أو وحدة الرسوميات، مما يمنح مرونة كبيرة في التصميم والتكامل مع الأنظمة الحالية.
في الاختبارات، أثبتت الشريحة كفاءتها العالية، حيث حققت دقة تصنيف بلغت 98% عند استخدامها في تحليل صور مكتوبة بخط اليد ضمن مجموعة بيانات MNIST، وهي دقة مماثلة لتلك التي تحققها الشرائح الإلكترونية التقليدية. كما أظهرت استقراراً في الأداء على مدار 24 ساعة، وتمكنت من معالجة أكثر من 65,000 تركيبة إدخال ضوئية بنتائج دقيقة ومتكررة.
والمُلفت أن كفاءة الطاقة التي حققتها وصلت إلى 305 تيرا عملية في الثانية لكل واط (TOPS/W)، وهي أعلى بكثير من كفاءة وحدات المعالجة الرسومية الحديثة التي تتراوح بين 5 إلى 10 (TOPS/W)، فهي أوفر في استهلاك الطاقة بأكثر من 30 مرة.
تشير هذه النتائج إلى أن الحوسبة الضوئية تمثل نقلة نوعية في كفاءة الذكاء الاصطناعي، بفضل قدرتها
تشير هذه النتائج إلى أن الحوسبة الضوئية قد تُشكل نقلة نوعية في كفاءة الذكاء الاصطناعي، بفضل قدرتها على تقليل التكلفة الحسابية والطاقة بشكل كبير. ومع استمرار تطور تقنيات تصنيع الفوتونات، يُتوقع أن تُدمج هذه الشرائح في أنظمة الذكاء الاصطناعي التجارية، لتُصبح جزءًا أساسيًا من البنية التحتية الرقمية في المستقبل.
نشرت الدراسة في مجلة Advanced Photonics.