تُبنى الكمبيوترات الفائقة من ربط العديد من الكمبيوترات الصغيرة لتعمل معاً كوحدة واحدة لتنفيذ الحسابات، وقد أدى مفهوم الحوسبة الموزعة هذا إلى حل مسائل معقدة تعجز الكمبيوترات المنفردة عن حلها. فإن تم تطبيق نفس المفهوم على الكمبيوترات الكمية، يمكننا توسيع قدراتها دون الحاجة لبناء جهاز واحد ضخم قد يكون صعب التصنيع والتشغيل وغير عملي.

هذا ما يهدف إليه باحثون في جامعة أكسفورد، فبدلاً من صناعة كمبيوتر كمومي واحد يحتاج إلى معالج بملايين الكيوبتات ليحقق إمكانياته الموعودة، وهذا يفرض تحديات هندسية هائلة ويبدو اليوم غير قابل للتحقيق، اتخذ الباحثون مساراً مختلفاً من خلال الاستفادة من النقل الكمي (Teleportation) لربط المعالجات الكمية المنفصلة فيزيائياً وتشكيل معالج كمي واحد كبير.

ولتحقيق النقل الكمي بين الكيوبتات المتباعدة، قاموا بربط معالجين معاً بواسطة الألياف الضوئية، يبعدان عن بعضهما مسافة 2 متر، وبهذا يتمكن الباحثون من تحقيق التشابك الكمي (Entanglement) بين الكيوبتات في المعالجين مما يُمكن من النقل الكمي لحالاتهم ويجعل البوابات الكمية المنطقية قادرة على العمل على كيوبتات متباعدة. هذه البوابات هي الوحدات الأساسية للخوارزميات الكمية، مما يضمن القدرة على تنفيذ خوارزميات كمية على المعالجين معاً.

ويركز هذا البحث على هذه المسألة، فالنقل الكمي لحالات الكيوبتات المتباعدة قد تحقق سابقاً، لكن استثماره لتنفيذ خوارزميات كمية بدقة عالية ما زال قيد البحث والتطوير.

نشر الفريق بحثهم في مجلة Nature، وأظهروا نجاح تنفيذهم لخوارزمية البحث الكمية "كروفر"، التي تبحث في مجموعة كبيرة من البيانات وتتألف من عدة بوابات كمية منطقية، وقد تم تنفيذها بنسبة نجاح بلغت 71% مما يؤكد على قدرة هذا النهج الموزع على العمل بكفاءة مقبولة.

مع القدرة على إجراء عمليات بوابات الكم على الكيوبتات المتشابكة في معالجات مختلفة، أنشأ الباحثون حاسوباً كمياً موزعاً يسمح لمعالجات كمية متعددة أصغر حجماً بالعمل معاً ككمبيوتر كمي واحد متكامل.

يمهد هذا الاختراق الطريق ليس لتوزيع العمليات الحسابية الكمية عبر معالجات متعددة فحسب، بل يوفر أيضاً المرونة في تطوير أجهزة كمبيوتر كمية عملاقة دون الحاجة لبناء كمبيوتر واحد بملايين الكيوبتات، كما يمكن ترقية المعالجات المترابطة أو تبديلها دون تعطل النظام الكمي.