الصين تطور أول معالج لا يستخدم السيليكون يحتوي 5900 ترانزستور ثنائي الأبعاد

بقلم:   تامر كرم           |  April 6, 2025

ch-2d-processor

تمكن فريق بحثي في جامعة فودان الصينية من تصنيع أول شريحة معالج تستخدم ثنائي كبريتيد الموليبدينوم كمادة شبه موصلة بديلة للسيليكون. تُعرف هذه المادة بأنها فائقة الرقة لذا تسمى ثنائية الأبعاد، حيث يمكن إنتاج شرائح منها لا تتعدى سماكتها النانومتر الواحد، مما يفتح آفاقاً جديدة في تصغير حجم الأجهزة الإلكترونية وتحسين أدائها من حيث السرعة وتوفير الطاقة.

أُطلق على هذا المعالج اسم "WUJI"، وتبلغ أبعاد شريحته 6 × 6 مليمترات، ويحتوي على 5900 ترانزستور، ليحطم بذلك الرقم القياسي العالمي السابق البالغ 115 ترانزستور ثنائي الأبعاد في الشريحة الواحدة.

المعالج مبني على معمارية RISC-V ويعمل بنظام 32 بت. وهذه هي المرة الأولى التي يُبنى فيها معالج متكامل قادر على تنفيذ جميع تعليمات معمارية RISC-V باستخدام مواد ثنائية الأبعاد. تتميز هذه المعمارية بكونها مفتوحة المصدر، مما يتيح استخدامها تجارياً دون أي تكاليف ترخيص، على عكس المعماريات التجارية المعروفة مثل ARM أو X86 من إنتل.

استفاد الفريق في عملية تصنيع الرقاقة من الكثير من تقنيات تصنيع السيليكون الناضجة. لكن نظراً لرقة و حساسية ثنائي كبريتيد الموليبدينوم، قاموا بوضع شرائحه على ركيزة من الياقوت، وبسبب عدم إمكانية استخدام تقنيات التطعيم المتبعة في شرائح السيليكون لتصميم الترانزستورات، اتبعوا أساليب جديدة تعتمد على استخدام أسلاك التوصيل الدقيقة لضبط جهد العتبة.

وقاموا بعدها بتوصيل الترانزستورات لتشكيل 25 نوعاً من البوابات المنطقية، وهي المكونات الأساسية لإجراء العمليات الحسابية والمنطقية الضرورية لتنفيذ أي برنامج. وبهذا، يضع الفريق أسساً لمنهجية جديدة في تصميم البوابات المنطقية تتناسب مع طريقة توصيل هذه الترانزستورات ثنائية الأبعاد.

وقد حقق الفريق نجاحاً كبيراً في التصنيع، حيث بلغ العائد الإجمالي 99.8% والعائد على مستوى الشريحة 99.8%. وتُعد هذه النسب ممتازة، فالعائد الإجمالي يشير إلى نسبة الشرائح العاملة من بين جميع الشرائح المنتجة، بينما يعبر العائد على مستوى الشريحة عن نسبة المكونات العاملة على الشريحة مقارنةً بإجمالي المكونات.

يمثل هذا الإنجاز خطوة هامة تُظهر إمكانية تصنيع معالجات وظيفية باستخدام الآلاف من الترانزستورات ثنائية الأبعاد، وهو أمر مبشر خاصةً أن هذه التقنيات لا تزال قيد التطوير للمواد التجريبية مثل ثنائي كبريتيد الموليبدينوم (MoS2). ومع ذلك، لا يزال هذا المعالج في مراحل البحث والتطوير الأولية ويواجه تحديات كبيرة قبل أن يتمكن من منافسة شرائح السيليكون المستخدمة حالياً. فحجم الترانزستورات وكثافتها لا يزالان بعيدين عن المستوى المطلوب للتطبيقات التجارية الفعالة؛ إذ تتضمن شريحة سيليكون بنفس الحجم اليوم مليارات الترانزستورات مقارنة بـ 5900 ترانزستور في هذا المعالج.

لكن التطور التكنولوجي يسير بخطوات تدريجية، فكما كان الحال مع أول معالج لشركة إنتل عام 1971 الذي احتوى على 2900 ترانزستور فقط، فإن هذا الإنجاز يمثل لبنة أساسية في مسيرة تطوير الإلكترونيات القائمة على مواد ثنائية الأبعاد.

ومع استمرار الأبحاث والتطورات في تقنيات التصنيع، فإننا نقترب أكثر فأكثر من الاستفادة الكاملة من المزايا الواعدة لهذه المواد، مثل قابلية التوسع، والسرعة، وكفاءة الطاقة، مما يمهد الطريق لعصر ما بعد السيليكون الذي بدأت ملامحه تتضح اليوم.

نشر البحث في مجلة نيتشر.



مشاركة