خلال الأسبوع الماضي انتشر روبوت المحادثة الذكي تشات جي بي تي ChatGPT على تويتر والانترنت انتشار النار في الهشيم. فأكثر من مليون شخص قاموا بإجراء محادثات معه؛ سألوه فيها أسئلة متنوعة في كل المجالات والمواضيع ونشروا محادثاتهم على موقع تويتر مما جعله يتصدر ترندات الأسبوع.
هذا الروبوت ChatGPT هو آخر ماتم إصداره حتى اللحظة من عائلة نماذج اللغة الكبيرة GPT التي تطورها شركة OpenAI؛ يمكن لهذا الروبوت أن يجيب على أي سؤال في أي مجال ويمكن استخدامه أيضاً:
- كمحرك بحث للحصول على المعلومة التي نريدها
- لتوليد مقالات ونصوص من خلال الطلب منه توليد مقال عن موضوع معين.
- لتلخيص النصوص وذلك بإعطائه نص والطلب منه تلخيصه.
قامت OpenAI بإنشاء واجهة لاستخدامه ويمكن لنا تجربته من خلال الموقع https://chat.openai.com إذ جعلته متاحاً للجميع كي يجربوه و يختبروا قدراته؛ وبهذا تقلل من حجم المبالغات و التهويلات التي ترافق ظهور مثل هذه البرامج الذكية كما حصل مع روبوت غوغل للمحادثة لامدا LAMDA إذ ظن المهندس لومين الذي كان يجربه أنه واعي ويفكر مما أثار ضجة كبيرة لم يكن لها داعي.
بعد تجربة الروبوت على نطاق واسع يمكن القول أنه ذكي جداً أحياناً وخاطىء ومضحك أحياناً أخرى؛ فهو يعطي إجابات لبعض الأسئلة تبدو مذهلة من صحتها ودقتها والتفاصيل التي يزودنا بها وطريقة صياغتها. لكن في نفس الوقت يعطي أجوبة خاطئة مضحكة وسخيفة لأسئلة أخرى.
مثلا سأله أحدهم من أكبر 999 أو 33؟ فأجاب 999 موضحاً السبب. ثم سأله من أكبر 999- أو 33-؟ فكان جوابه الرقم الأصغر 999- هو اﻷكبر. قائلاً لأنه عندما تقارن رقمين سلبيين فالأكبر هو الأصغر بالقيمة المطلقة -وهذا صحيح لكنه يكمل ويقول- أن 999- له قيمة مطلقة أكبر وبالتالي هو الأكبر "وهذا خطأ فيجب بناء على قوله السابق أن يستنتج أنه الأصغر". فهذا الروبوت بعيد كل البعد عن فهم الرياضيات.
فمن الواضح أنه لايفهم السؤال فإن كانت هذه هي الحالة فكيف يعمل هذا الروبوت ChatGPT؟
تم تدريب الروبوت على كمية كبيرة من النصوص بما فيها الانترنت كاملاً. وتم استخدام تقنيات التعلم العميق والتعلم المعزز في تدريبه. وعند استخدامه يقوم النظام بالتنبوء بالكلمة التالية اعتماداً على السياق الذي يسبقها. فعند كتابة سؤال للروبوت يعتبر السؤال هو السياق ويقوم بتوليد الكلمة التالية حسب هذا السياق ثم يضيف الكلمة المولدة للسياق ويولد الكلمة التالية الجديدة وهكذا دواليك حتى يصل إلى توليد نقطة النهاية فيتوقف.
فهذا البرنامج الذكي لا يملك أدنى فهم للسؤال وللكلمات التي يقوم بتوليدها. ولا يمكن له الخروج بشيء جديد غير موجود ضمنياً في النصوص التي تم تدريبه عليها. فنصوص التدريب تلعب الدور الأكبر في أجوبته.
ورغم ذلك يبدو في كثير من الأحيان أنه يفهم السؤال ويجيب عليه بتفصيل يصعب أن نصدق أنه لايفهمه. وهذا ما يجعله أداة رائعة يمكن الاستفادة منها لمساعدتنا في إيجاد المعلومات وتوليد النصوص لكن لا يمكن الوثوق به و بأجوبته كلياً ودائماً تحتاج مراجعة وتدقيق.
في الختام لابد من القول أن هذا الروبوت هو اختبار على نطاق واسع لما يمكن لروبوتات المحادثة أن تقوم به؛ وطالما أنه نجح في الإجابة الدقيقة عن كثير من المواضيع والأسئلة وطالما العمل على تطويره مستمر فلابد أن نصل يوماً لنسخة أكثر موثوقية يمكن الاعتماد عليها والثقة بها بشكل أكبر.